من الواضح و الجلي للعيان أن دول المغرب العربي تتميز بالاختلاف و التفرق و عدم التجانس أكثر من التوافق و التفاهم خاصة على مستوى أنظمة الحكم و السياسات المنتهجة في سبيل البقاء و الاستمرارية لكن المسألة التي لا يمكن فهمها هي إقحام الجزائر و جعلها السبب الرئيس في قضية يبدو حلها واضح لكل ذي بصر و بصيرة ألا و هي قضية الصحراء الغربية.

إن حل هذه القضية هو بيد المغرب الذي افتعلها قبل 33 سنة بمسيرته الخضراء في نوفمبر1975 و التي ادعى فيها تبعية الصحراء للمغرب و ذلك بعد الانسحاب الاسباني منها. فلو كان الأمر كذلك لما تمت المسيرة أصلا لأن العارفين بالمنطقة يعرفون أنها تنتهج النظام القبلي في حياتها الأمر الذي لم يكن يستدعي مسيرة و إنما بيعة من القبائل لأمير المؤمنين و التي لم تتم و ذلك لأن الأمير لم يأخذ في الحسبان وجود هذه القبائل و إنما افتعل المشكل مع الجيران و على رأسها الجزائر التي لا يزال يعتقد أن الجهة الغربية منها مغربية أصلا.

إن اعتبار الجزائر أساس المشكلة هو ذر للرماد في العيون بغية التنصل من المسؤولية المباشرة للمغرب ممثلا في القصر أو المخزن في عدم فض النزاع الذي يعتبر نزاعا يدخل في خانة حق تقرير المصير  المبدأ التي تدعمه دولة الجزائر منذ وجودها التاريخي اللامحدود و ليس الوجود الاستيطاني  الفرنسي المفبرك كما يحاول البعض تصويرها.

كما أن ربط القضية الصحراوية بالتاريخ و جعلها نتيجة لرواسب تاريخية هو من قبيل العبث و الوهم الفكري لأن المسألة بدأت بقرار أميري و ليست نتاج تفاعلات تاريخية اجتماعية و سياسية.

كما أن تغطية الحقائق و توجيه الأنظار نحو قضية أخذت طريقها إلى الحل عن طريق المنظمات الدولية مثل محكمة لاهاي و منظمة الأمم المتحدة و ذلك بغية تغطية قضايا تخص الدولتين على رأسها الاحترام المتبادل الذي انتهك بغلق الحدود و دعم المهربين و المخربين ثم بعد ذلك تصحيح هذه الأخطاء بفتح الحدود من جانب واحد و تقديم بعض المعلومات الهينة.

و عليه فإن المشكل في الأساس هو استهانة المغرب بالجزائر و عدم احترام لمؤسساتها و لشعبها و عليه فإن ابراز النية الحسنة و حده لا يكفي و على المغرب أن يحسن الجوار مع الجزائر و لا يعتبرها أساس مشاكله الداخلية و الخارجية و هو يعلم علم اليقين أنه هو المستفيد الأول و الأخير من فتح الحدود التي ستخفف من مشاكله الداخلية و تبعث الحياة في المناطق الحدودية من جديد. و في الأخير نقول بأن مسألة الصحراء يجب أن تنتهي كما بدأت و ذلك بأمر أميري يتضمن مسيرة خضراء نحو الشمال.

نعيم بن محمد
14 أبرسل 2008

تعليقان

  1. غير معروف بتاريخ

    البوليساريو هي نتاج عالم آخر سابق لسقوط النظام الشمولي، فحتى عندما شهد العالم تغيرات ابتداء من سنة 1991، ظلت البوليساريو وفية لفكرها: لا انتخابات حرة، ولا ديمقراطية، ولا تعددية، ولا حرية الرأي، ولا وجود لمجتمع مدني. لقد فرضت إغلاقا تاما وفضلا للهياكل من أجل أن تستمر في الوجود. كل الحركات ذات الطابع السياسي أو السياسي العسكري الشبيه بالبوليساريو اختفت من خريطة العالم منذ سقوط جدار برلين.

    فتلك الحركات إما أنها غيرت اسمها أو انحلت من تلقاء نفسها، أو ابتدعت بنيات جديدة تتلاءم مع عالم جديد معولم وحر وديمقراطي.فالبوليساريو التي تدعي أنها كيان مستقل أشأت ما أسمته الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، مع وصف الأراضي المحررة من طرف المغرب بمسميات من قبيل الصحراء الغربية أو الأراضي المحتلة. إن هذه الجمهورية توجد في تناقض صارخ مع طلب البوليساريو بإجراء استفتاء لتقرير المصير.

    كيف يمكن أن تطلب تنظيم استفتاء لتقرير مصير كل الصحراويين مع الإجابة مسبقا عن رغبتهم وإرادتهم بإنشاء كيان بدون أساس أخلاقي أو تاريخي أو ديمقراطي؟ إنها نفس أساليب الحركات الاستبدادية اللاديمقراطية حيث يتم استعمال القاعدة المشهورة المتمثلة في الإجابة بالنيابة عن الشعب عن أسئلة لم تطرح عليه. فالإعلان الأحادي الجانب عن الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية من طرف البوليساريو يعد خرقا سافرا للقانون الدولي.يتعلق الأمر هنا بعدم احترام إرادة الشعب وانتهاك القواعد الديمقراطية إضافة إلى النية المبيتة في تحقيق انتصارات سياسية عن طريق التدليس والغش. وهكذا جردت طلب حرية تقرير مصير الشعب الصحراوي من كل مصداقية، فقد استغلته عندما أجابت بالنيابة عنه. لا يمكن للبوليساريو أن تدعي أنها ستحترم قرار الصحراويين وفي نفس الوقت تجيب مسبقا بالنيابة عنهم. فلا يمكننا ادعاء النزاهة والإجابة بالنيابة عن الآخرين في آن واحد.

    ولا يمكننا القول بأننا ضعفاء وفي نفس الوقت نزيف المبادئ. فمن غير الممكن القول بحق الشعوب في تقرير المصير بكل حرية ودون ضغط من أي جهة كانت، وفي نفس الوقت تجريد هذا القول من مصداقيته بالإجابة مسبقا عن سؤال لم يطرح عليهم بعد. لا يمكننا ادعاء النزاهة إذا كنا استعملنا الغش مسبقا. فالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية ليس لها أي وجود ترابي. فهي أقيمت في تندوف بالجزائر، ولا شعب لها، لأن الشعب الوحيد الذي تملكه هم أولئك العالقين في المخيمات حيث تحتجزهم وتراقبهم رغما عنهم، دون أن يكون ذلك من إفراز صناديق الاقتراع. وهي لا تتمتع بمقومات السيادة ولا توجد سوى على شبكة الانترنت وفي المؤسسات الوهمية على أرض دولة أجنبية.

    إن البوليساريو التي أقامت في تندوف مؤسسات وهمية كالحكومة الصحراوية والصليب الأحمر الصحراوي واتحاد المرأة الصحراوية واتحاد الشباب الصحراوي، لا تدخر أي جهد من أجل تنظيم احتفالات على أرض الجزائر تحت مسميات 27 فبراير، 10 ماي، 20 ماي أو حتى 12 أكتوبر. منذ نشأتها عينت البوليساريو شهيد الوالي كأول كاتب عام لها، وخلفه المسمى محمد عبد العزيز الذي سمي فيما بعد الرئيس الكاتب العام للبوليساريو أو قائد البوليساريو. ولم تتوانى الجبهة عن إنشاء وسائل الدعاية من أجل دعم أطروحتها الانفصالية، كوكالة الأنباء الصحراوية، وراديو الصحراء، وراديو البوليساريو، منخرطة قلبا وقالبا في وهم كلي بخصوص قضية الصحراء.

    وعندما خسرت الحرب، وفشل مشروع الاستفتاء الذي يعد أصلا غير ممكن نظرا لوجوب تغيير جميع الحدود. بدأت البوليساريو تقول لمن يريد أن يسمعها أن الصحراء هي أرض محتلة من طرف المغرب وأن هذه المنطقة تخضع لكل أشكال القمع السياسي وخروقات حقوق الإنسان. فالبوليساريو غير مؤهلة بتاتا لإعطاء دروس لأي كان فيما يتعلق بحقوق الإنسان. الكل يعرف أن الحدود في الجهة الشمالية الغربية لأفريقيا بين الجزائر والمغرب وموريتانيا ومالي تم ترسيمها بطريقة حسابية، عند اقتسام هذا الجزء من الأراضي الأفريقية بين فرنسا وأسبانيا. فالحدود الحالية لا تخضع لأي معايير جغرافية أو انسانية أو غيرها. ويمكننا القول بكل ثقة أنها حدود رسمت اعتباطيا، عند الاقتسام. وهذا هو السبب الأساسي في فشل مشروع الاستفتاء. فالصحراويين لا يتواجدون فقط في المغرب. فالجزء الجنوبي الغربي من الجزائر بكامله من بشار إلى الحدود بين موريتانيا ومالي هو منطقة تواجد القبائل الصحراوية، والأمر يسري كذلك على الجزء الشمالي الغربي من التراب الموريتاني برمته، وعلى أقصى شمال مالي بين تومبوكتو والحدود الجزائرية مرورا بتاودني.لهذا، لكي يتأتى إجراء استفتاء تقرير مصير حر وديمقراطي وعادل ونزيه وشامل يمنح الفرصة لكل الصحراويين دون استثناء لأن يقول كلمتهم مثلما كانت ترغب في ذلك الأمم المتحدة من خلال مخطط التسوية الأولي، يجب تغيير حدود الدول الأربع المعنية، أي المغرب والجزائر وموريتانيا ومالي، بحيث يكون لدينا ساكنة صحراوية في إطارها الجغرافي والتاريخي القديم والحالي.

    لكن تغيير الحدود مستحيل وغير مسؤول، وبالتالي فإن الاستفتاء الذي يقوم على تحديد الهوية هو كذلك مستحيل. وكل إصرار على تنظيم الاستفتاء إنما هو رغبة مبيتة في استدامة النزاع ومعاناة السكان. وفي إطار نفس منهجية التفكير، لم تتردد البوليساريو في خلق المزيد من المؤسسات الوهمية بتواطؤ مع بعض الأشخاص المناهضين للمغرب وإن اختلفت دوافعهم، مثل جمعيات الصداقة مع الشعب الصحراوي، و جمعيات التضامن مع الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، وجمعيات المساعدات الإنسانية، و جمعية شهيد الوالي، وجمعية أم دريقة، وجمعية أصدقاء الصحراء الغربية، وجمعية أصدقاء الشعب الصحراوي. وبما أم منظمة الأمم المتحدة خلصت إلى استحالة تنظيم الاستفتاء في الصحراء دون تغيير الحدود، فإن البوليساريو لم تجد بدا من ابتداع مسألة تقرير المصير مدعية بأن إجراء استفتاء لا يمكن أن يؤدي سوى إلى الانفصال. غير أن ميثاق الأمم المتحدة الذي يمثل أسمى مرجع قضائي على المستوى الدولي ينص على أن تقرير المصير يجب أن يأخذ بعين الاعتبار الوحدة الترابية للدولة، وأن الحكم الذاتي يبقى من بين أفضل أشكال تقرير المصير. هذا الحكم الذاتي يوجد في الدول الغربية الأكثر تقدما في العالم. لهذا فإن المجتمع الدولي آخذ منظمة الاتحاد الأفريقي على خرق القانون الدولي عمدا، عندما اعترفت بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية المزعومة، وكذا المؤسسة التي عوضتها، أي الاتحاد الأفريقي الذي انحرف بدوره عن القانون الدولي باعترافه بكيان تم إعلانه من طرف حركة سياسية عسكرية و ليس بناءا على استفتاء.

    في المقابل فإن باقي المنظمات الدولية كمنظمة الأمم المتحدة و دول عدم الانحياز و الجامعة العربية و منظمة المؤتمر الإسلامي و الاتحاد الأوروبي و الاتحاد الآسيوي رفضت بشكل قاطع التنكر للقانون الدولي، و التزمت بقرارات مجلس الأمن الدولي الداعية إلى إيجاد حل سياسي وتوافقي للنزاع العقيم حول الصحراء من خلال المفاوضات و الحوار. فهذا النزاع عرقل بناء اتحاد المغرب العربي و حال دون التوصل إلى تفاهم بين الجاران الشقيقان، المغرب و الجزائر، كما منع العائلات الصحراوية من العودة إلى ديارهم للعيش بين ذويهم. إضافة إلى ذلك، خلف هذا النزاع بؤرة توتر في الشمال الغربي لأفريقيا، وشجع على تفشي ظاهرة المتاجرة بالبشر، والهجرة السرية وتهريب المخدرات والأسلحة، وسرقة كل أنواع البضائع داخل المخيمات، وكذا ظهور الإرهاب.

    إن الأمم المتحدة توفد بانتظام لجانا تابعة لبرنامج الأغذية العالمي والمفوضية العليا للاجئين إلى هذه المخيمات من أجل تقصي الحقائق حول تدبير السيئ وسرقة المساعدات الإنسانية المقدمة من طرف هذه الهيئات، وكذا من جانب المكتب الإنساني للجماعة الأوروبية، الموجهة في الأصل للمحتجزين في هذه المخيمات.فحقيقة سرقة المساعدات الإنسانية تم تأكيدها من طرف عدة منظمات غير حكومية دولية، وبالأخص اللجنة الأمريكية للاجئين والمهاجرين، ومؤسسة فرنسا الحريات، والمركز الأوروبي للاستعلامات الاستراتيجية والأمن. فقد نبهت هذه المنظمات في عدة مناسبات المجتمع الدولي إلى ظاهرة سرقة المساعدات الإنسانية، ومدى تأثيرها على الوضعية الإنسانية للمحتجزين داخل مخيمات تندوف بالجزائر. ورغم هذا التاريخ المأساوي، فما زال بإمكان البوليساريو أن تعود إلى الصواب. فلا فائدة من التمادي في الخطأ. فالعنيد لا يمكن أن يكسب أي شيء من مجرد عناده.

    إن التاريخ اليوم يعطي للبوليساريو فرصة إبرام اتفاق مشرف فيه صلاح السكان والعائلات. و إن التاريخ ليعطي للبوليساريو إمكانية فتح طريق مليء بالأمل لنسيان المعاناة وأخطاء الماضي. وإنه ليمنح للبوليساريو فرصة ذهبية من أجل القبول بالحل الوحيد الممكن القابل للتنفيذ والمناسب، ألا وهو الحكم الذاتي السياسي، في إطار سيادة المملكة المغربية. فإذا كانت البوليساريو تكن الود والاحترام للصحراويين، فعليها أن تغتنم هذه الفرصة، وتتخلص من الفخ الذي وقعت فيه، وأن تكف عن خدمة مصالح الآخرين، أو تسمح لنفسها أن تستعمل كشوكة في رجل المملكة المغربية من أجل مسألة لا تعدو أن تكون مرتبطة بالهيمنة السياسية.

  2. rhouila Abdelhak بتاريخ

    ادرس تاريخ المنطقة
    يبدو أن الأخ المساند لأطروحة البوليساريو غير مستوعب لتاريخ المنطقة ولا هو على دراية بالسياسة التي ينتهجها العسكر في الجزائر و ليس على علم بطقوس البيعة,

Exit mobile version