في اعقاب انسحاب الاخ محمد العربي زيتوت أحد مؤسسي حركة رشاد من عضوية الحركة، سألني بعض الافاضل مستفسرين سبب هذا الانسحاب، وردا على هذا الاهتمام والاستفسار المشكور، اغتنم هذه الفرصة للتذكير بما يلي:
حركة رشاد إطار سيساس نضالي اجتمع فيه مجموعة من الجزائريين والجزائريات الذين ضاقوا ذرعا بالحكم الفردي والتعسفي الذي يستمر العمل به منذ استقلال البلاد ورفضوا البقاء متفرجين على تهالك البلاد وتعريض مصيره للاندثار، تنظموا في إطار حركة للعمل والمساهمة مع غيرهم من المواطنين، على إحداث تغيير فعلي للنهوض بالبلد وجعل منه دولة مؤسسات مفتوحة لكافة أبنائها، رافضين الاستقالة الطوعية من المشاركة وترك سفينة البلد تجرفها رياح الاستبداد والفساد. وقناعة منهم بضرورة التغيير الحتمي، كان الهدف جعل من الحركة اطارا مفتوحا امام كل من يؤمن بأهدافها وسبل تحقيق هذه الأهداف، المتمثلة أساسا في التغيير الجذري بطرق سلمية، من اجل بناء دولة الحكم الراشد.
لم تكنْ الحركة يوما ولم تسعى أبدا لتكون ناديا مغلقا، سواء من حيث سبل الانخراط فيه، فالانضمام متاح لكن من يؤمن بأهدافها ويلتزم بمبادئها وسبلها المتبعة لإحداث التغير، أيا كان انتماءه الفكري او الايديولوجي، مثلما أنها ليست ناديا مغلقا في الاتجاه الآخر، بل يتيح للراغبين الخروج منه، وتتفهم وتحترم ظروفهم وقرارهم أيا كان سبب ذلك، دون اتهام أحد أو إدانته، ومن نافلة القول أن الحركة مخوّلة باتخاذ قرار إقالة من يخترق مبادئها المؤسسة مثل تبني أهداف غير أهدافها وأساليب غير أساليبها في التغيير، كالدعوة للعنف، أو التعاون مع جهات خارجية وكل ما لا تسمح به الحركة ولا تقبل به وفق ما هو منصوص عليه في مواثيقها.
إلى جانب ذلك، لم تسع الحركة يوما للاستئثار لنفسها واحتكار العمل في هذا المجال، بل لطالما دعت غيرها من فئات المجتمع إلى تنظيم أنفسهم وتشكل تنظيمات وحركات ونقابات وجمعيات، بالعشرات بل ولتكن المئات، لِتعمل في هذه المجال، وتنسق فيما بينها تحقيقا للهدف الأساسي، التغيير السلمي، إدراكا منها أن الحركة وسيلة ليس إلا، وترحب بإنشاء غيرها من الحركات لنفس الهدف، لأن ساحة النضال من اجل دولة العدل والقانون، خاصة وأن الساحة نضِجت واصبحت واسعة تسع الكثير من المشاريع السياسية والاعلامية والاجتماعية والثقافية تربطها علاقة التكامل والتعاون فيما بينها من اجل تحقيق الهدف المشترك، وهذه هي الاستراتيجية للتغيير، التي تؤمن بأن تقوية قدرات المجتمع في التنظيم الذاتي يعطيه القدرة على المبادرة في التغيير كما يضعف قبضة السلطة في التحكم فيه، فتزايد قدرات المجتمع المدني متناسب مع تقلص حجم الدولة.
وفي ضوء ما سلف التذكير به، فلا تتضايق رشاد ممن اختار العمل في إطار غير إطارها، بل وتشعه وتثمن مساعيه. كما تذكر رشاد، أنها منذ نشأتها في 2007، شهدت تطورات، رافقتها انسحابات واستقالات، سواء من عضويتها أو عضوية مجلسها الوطني وحتى من أمانتها، دون أن يعطل ذلك سير عملها أو يقوّض مساعها أو يحرف مسارها، وكان من ضمن المنسحبين، أنواع مختلفة:
منهم من لم يتحمل تبعات مواقفها والمضايقات التي تعرضوا لها جراء ذلك من قبل السلطة؛
ومنهم من لم يعد مقتنعا سواء بنهجها أو أهدافها او وسائلها؛
ومنهم من رأى أن بقاءه فيها لا يحقق له ما كان يصبو إليه ضمن هياكلها؛
ومنهم من رأى أن الحركة لم تعد كما اعتقد عند انخراطه فيها؛
ومنهم من انخرط في مشروع آخر، دون أن يتنكر لمبادئها، فانسحب دون أن يفسد للود قضية، إلى غير ذلك من الأسباب التي تتفهمها الحركة ولا ترى فيها عيبا لا تهمة ولا إدانة لأصحابها، بل تعتبرها طبيعية في مسار الحركات التي تعمل على النفس الطويل والأهداف الجذرية. ومن ثم فانسحاب الأخ محمد العربي زيتوت من عضوية الحركة، للتفرغ لمشروعه التغييري، لا يمس بالحركة ولا بمشروعها الذي لا يقوم ولا ينحصر في أشخاص بعينهم،، بل يقوم ويؤسس على الأفكار المبادئ التي أنشأت عليها، وبناء عليه تتمنى رشاد للأخ العربي زيتوت ولغيره من الاخوة الأفاضل التوفيق، في مساراتهم للعمل من أجل تحقيق ما يأملون جميعا تحقيقه، مع قناعتها الراسخة، أن اتباع طرق مختلفة، بمشاريع متنوعة ومتكاملة سيفضي في نهاية المطاف إلى تحقيق أهداف منسجمة، طالما التزم الجميع بالسير الصادق المستنير والتفهم لرؤى الغير، ليبقى المسار واحدا والمبادئ ثابتة والتناصح مستمرا والهدف مشتركا.

أرسل رداً

Exit mobile version