حلّ شهر رمضان على كلّ البلدان الإسلامية والعربية على غير العادة في ظلّ جائحة كورونا، فشعوبها لم تستقبله بالطقوس ولا بالبهجة المعتادتَين. وعلقت صحيفة «لوموند» الفرنسية على تعليق الصلوات في المساجد المقدسة لدى المسلمين في شهر رمضان..

وقالت الصحيفة : « رمضان حزين في العالم الإسلامي »، بعدما تطلبت محاربة الفيروس غلق المساجد لمنع التجمعات الكبيرة، حيث أشارت إلى فتح صلوات التراويح جزئيا في المساجد الثلاثة التي تشد لها الرحال، لكنها أشارت إلى أن روحانيات شهر رمضان لدى المسلمين باتت حزينة بسبب الإجراءات الاحترازية في المساجد.

كما جاءت الجمعة الأولى من شهر رمضان في زمن الكورونا حزينة كئيبة حيث رفع آذان الجمعة الأولى فيها، وخطب الخطباء خطبة تضرع خفيفة واقتصرت الصلاة فيها على بعض الموظفين كما نقلت ذلك عبر الفضائيات وصفحتها على «الفيس بوك»، ليتمكن العالم من متابعتها..

وأقيمت أول صلاة تراويح في المسجد الأقصى والمسجد الحرام والمسجد النبوى، في إطار الإجراءات الوقائية للحد من انتشار فيروس كورونا الذي تسبب في استمرار غلق المساجد طوال شهر رمضان. إذ سيبقى راسخاً في بال الناس جميعا، أنّ الشعائر الدينية باتت من مناحي الحياة الأكثر تأثراً بانتشار عدوى هذا الوباء، للمرّة الأولى في التاريخ المعاصر، خلت ساحة الحرم المكّي والمدني بالكامل من المصلّين، كما تم تعليق  مناسك العمرة و الحج للبقاع المقدسة إلى أجل غير مسمّى..؟؟

وحتى في دول الغرب انعكست – هذه الايام- إجراءات العزل المنزلي بشكل ملحوظ على فترة “الصوم الكبير” و”عيد الفصح” لدى جيراننا المسيحيين، نفس الشيء ينسحب على جاليتنا المسلمة في أوروبا بحيث ازدادت خشيتها من أن تلقى شعائر رمضان المبارك المصير نفسه، لا قدر الله ..

لأن شهر رمضان بالنسبة لجاليتنا، من الأوقات التي لها عند المسلمين مكانةٌ عظيمةٌ كل سنة، هذه المكانة ليست مجرد شجون وتقدير لما يرتبطون به، لا بل هي مكانةٌ ترتبط بها القلوب والأبدان لما تجده النفوس من بهجةٍ وفرحةٍ واطمئنان وحب للخيرات وفعل للطاعات، فأنت ترى الناس تختلف مسالكهم في رمضان عن غيره من الأشهر، لوقوع الصيام منهم جماعة مما يجعل لهم صورة جماعية طيبة كاجتماع الناس في المساجد للإفطار الجماعي وقيام الليل على اختلاف جنسياتهم وأجناسهم، والحضور للنشاطات الثقافية من مسابقات وحفظ للقرآن الكريم.. 
و في الأيام الأخيرة لا يخفى علينا ما أثاره البعض من ضجيج غير مبرر، حول موضوع الصيام في ظل أزمة كورونا، حيث دعوا إلى عدم صيام شهر رمضان، تحت زعم موهوم أنه للوقاية من الإصابة بفيورس كورونا يجب أن يبقى الحلق رطباً طوال اليوم أو أكثره..؟؟

والحقيقة أن هذا الكلام لا سند له من الناحية الطبية، وقد جاءت بيانات علمية وصحية وغيرها من الجهات الطبية المختصة مبينة عدم صحة هذا الادعاء، كما أعلنت منظمة الصحة العالمية قبل ذلك بأيام، أن شرب الماء وإن كان مفيداً في الحفاظ على الصحة العامة، إلا أن ذلك لا يقي من العدوى بمرض فيروس كورونا، ومن الناحية الفقهية فإن الأمر قد حسم، بعد صدور فتاوى صريحة وواضحة من جهات الفتوى بالأزهر الشريف و المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث وغيره ببقاء أحكام الصيام على ما هي عليه، فالصوم في حد ذاته مطلوب شرعًا، وهو ركن من أركان الإسلام لا يسقط بحال من الأحوال إلا بعذر شرعي من مرض أو سفر أو حيض، وغيره من الأعذار الشرعية..

وفيما يخص المصابين بالفيروس فإن الفقهاء في هذه الحالة يرجعون للأطباء، فإذا رأوا أن الصوم يضر صاحبه، فإنه يجب على المريض أن ينصاع لأمر الطبيب وهو أمر واجب حتى يحافظ على نفسه لأن حفظ النفس في هذه الحالة مقدم على الصيام، كما جاء في بيان المجلس الأوروبي. أخيرا، رغم إلغاء الإفطار الجماعي والزيارات وصلوات المساجد، يتطلع الناس في الغرب كما في الشرق لأيام خير وصلاح و أفراح قادمة بحوله تعالى .. نسأل الله أن يبارك لنا وللجميع في شهر رمضان هذا، و أن يرفع البلاء والوباء عن البشرية جمعاء، وأن يشفي المرضى، ويعافى المبتلين، والحمد لله رب العالمين، وصلّى الله وسلم على نبيّنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version