أقرأ تعليقات بين الفينة والأخرى، وأسمع تصريحات هنا وهناك… حول شخصية هواري بومدين، فأحتار لكيفية تفكير هؤلاء الذين أعنيهم، وأتساءل في الوقت ذاته: هل يمتلك هؤلاء عقولاً يُميّزون بها ؟ وهل يفكرون أصلاً؟ أم مُعاقون ذهنيا وبالتالي يُرفع عنهم القلم؟

سمعت أحد البلطجية والرعاع ،وهو يردّ عن أحد الشباب، عن رأيه في هواري بومدين…ولو كان جوابه عن … هواري منار لكان جائز بحكم أنهم من فصيلة واحدة.

فأجابه وهو يتزلف لمنطقة القبائل، للطعن في هواري بومدين، قصد كسب تعاطف الانفصاليين الذين يدعمونه خُفية ولو على حساب الحقيقة…قائلا: منطقة القبائل أنجبت محمد خيضر الذي قتله هواري بومدين … والعقيد سي الحواس!

والغريب أن من يسأله يشكره بعد ذلك عن ردّه، وكأنه أمسك الأسد من عنقه… هذا البلطجي الذي لا يعرف من أين ينحدر هؤلاء الذين ذكرهم في ردّه. فمثلا: محمد خيضر ينحدر من منطقة بسكرة، والعقيد سي الحواس ينحدر من أحد قرى الأرواس الأشمّ. ونسيى هذا البلطجي أن محمد خيضر أخذ مبلغا هاما من أموال الشعب وحوله الى سويسرا. وعندما أقول هذا الكلام فلدي المحضر الذي يعترف فيه محمد خيضر بذلك، والمحضر من سويسرا وليس من الجزائر، وعلى أساسه تم طرده من سويسرا الى اسبانيا التي قتل فيها. ومن يتهمونه بقتله ماهي أدلتهم؟

يتساءل آخر من المعاقين ذهنيا، أحد المتظاهرين بالوطنية الزائفة بقوله: حدثنا عن سبب خراب الجزائر …فيجيبه صاحب القميص الملون بالألوان الوطنية، وصاحب الرأس الفارغ: سبب خراب الجزائر هو هواري بومدين، وبومدين هو من جاء بضباط فرنسا، وهو من وضع الشيخ البشير الابراهيمي تحت الاقامة الجبرية… وهو من أعدم محمد شعباني.

ونسي هذا المعاق ذهنيا أن هواري بومدين أصبح رئيسا بعد 19 جوان 1965 فيما أعدم محمد شعباني سنة 1964 . كما أن البشير الابراهيمي توفي في ماي 1965 …وهل من المنطق أن يقبل ابنه أحمد طالب الابراهيمي بوزارة من طرف من هو متهم بقتل أبيه ؟

كما أن قضية ضباط فرنسا، من بدأ بإدخالهم الى جيش التحرير هو كريم بلقاسم من ألمانيا التي قتل فيها، بشهادة المؤرخ محمد حربي الذي كان مناضلا معه.. .قبل أن يصل هواري بومدين الى قيادة الأركان . والشاذلي بن جديد هو من أوصلهم الى سدة الحكم وتربطه بهم علاقة منذ عهد الثورة.

كما أن كريم بلقاسم نفسه…كان في صفوف الجيش الفرنسي، وآخرون من قادة الثورة. فيما اختار هواري بومدين الذهاب الى مصر للدراسة بدل تأدية الخدمة العسكرية في الجيش الفرنسي، ومات دون أن تطأ قدماه أرض فرنسا. وفرق بين من أفاق مبكرا وبين من استمر في خدمة الجيش الفرنسي…

يسأل معاق ذهني آخر: حدثنا عن مؤتمر الصومام وعن البغلة…فيجيبه المعاق ذهنيا : مؤتمر الصومام هو سببُ دمار الجزائر، وهو من مكن الزواف من السيطرة على مفاصل الدولة الحديثة…ثم يضيف: هواري بومدين هو من انقلب عن الحكومة المؤقتة…ونسي هذا المعاق ذهنيا أن مؤتمر الصومام لم يحضره هواري بومدين ولا أحمد بن بلة، والمؤتمر هو من عين مجلس الثورة الذي عين بدوره الحكومة المؤقتة…كما أن يوسف بن خدة إنسحب من مؤتمر طرابلس، ولم يُعقد المؤتمر مرة أخرى. كما أن هناك تصريحات بالصوت والصورة لفرحات عباس بعد الاستقلال، يسمي فيها الثورة بالأحداث وأنه كان ضد العنف…ولماذا قبل محمد بوضياف برئاسة المجلس الأعلى للدولة باقتراح من ضباط فرنسا، بعد الانقلاب على الشاذلي يا دعاة الديمقراطية المزيفة؟

يسأل معاق آخر أحد الانتهازيين الذين ظهروا في غياب السياسيين الحقيقيين قائلا: حدثنا عن اتفاقيات ايفيان، وعن الاستقلال. فيجيب: أتدري أن اتفاقيات ايفيان رهنت الجزائر، وأن المرسى الكبير كان تحت سيادة فرنسا…وأن الجزائر لم تنل استقلالها، ثم يردّد دائما في أحاديثه المجترة أن بومدين انقلب على الحكومة المؤقتة…ونسي هذا المعاق ذهنيا أن هواري بومدين لم يصادق على اتفاقيات ايفيان، وحدث صراع بينه وبين يوسف بن خدة وقد أصدر هذا الأخير عشية الاستقلال قرارا بعزل هواري بومدين وفشل…ونمتلك نسخة منه. ولدينا وثائق سرية تثبت أن فرنسا وأمريكا كانتا تسعيان لمنع هواري بومدين وأحمد بن بلة “العروبيين المدعمين من مصر” من الوصول الى الحكم، وفي المقابل تسعى لايصال من يخدمهما. وهواي بومدين هو من حرّر المرسى الكبير…

يقول معاق ذهني آخر: أتحداك أن تذكر معركة واحدة شارك فيها هواري بومدين أو أطلق هواري بومدين رصاصة واحدة. والجواب لهذا المعاق: من كان قائد أركان جيش التحرير الذي كان يخوص المعارك؟ أليس هواري بومدين؟ من كان ينظم، ومن كان يدرب، ومن كان يدخل السلاح، ومن كان يشرف ومن كان تحت اشرافه … ولماذا قامت فرنسا بوضع خط فاصل بين الجزائر وتونس والمغرب ياترى؟ ولماذا لاتنسبون انجاز الثورة لقائد أركان جيش التحرير وتنسبون تدشين نادي أو مقهى للقايد صالح؟

وهل قائد الاركان في الحرب ينظم ويخطط؟ أم ينزل الى ميدان القتال ؟ وهل من النباهة والحكمة أن تنشئ قاعدة خلفية بعيدة عن أنظار العدو؟ أم تنشئها في ميدان حلبة القتال وأنت تخوض حربا ضروسا؟ أليست أمريكا شرطي العالم ومن معها من الحلفاء اليوم يقيمون مكاتب العمليات خارج ميدان القتال ويخططون؟ ولماذا فرحات مهني البطل الكبير لا ينزل الى الجزائر ويقود حكومة من الخارج؟ ولماذا آيت أحمد ونحن في السلم كان يقود حزبا من سويسرا؟ ولماذا القايد صالح ونحن في السلم كما تقولون لا يذهب الى الجماعات المسلحة ويحاربها ؟ وغيرهم ممن يخوضون حروبهم من الخارج…

يقول معاق آخر: لم يكن هواري بومدين من مجموعة 22 ولا من مجموعة 6 والجواب لهذا المعاق ولغيره من المعاقين: هواري بومدين كان في مصر وقتها يخطط ويتدرب وهو أول من جاء بدفعة السلاح التي أعطت دفعا للثورة…والشهادات المتواترة تثبت أنه كان مناضلا للقضية الجزائرية قبل الثورة. كما أن من حضر اجتماعا في بيت ليس معناه هو من خاض الثورة… وأين كان أحمد بن بلة وأين كان آيت أحمد؟ وأين كان بن خدة وفرحات عباس وعبان رمضان وخيضر… ؟

يقول معاق ذهني: وما شأن الجزائر بفلسطين، تفصلنا عنها بحار وجبال…؟ هواري بومدين هو من عربنا بالقوة، وهو من يريد محو هويتنا ويستبدلها بهوية المحتل الذي هو أشد من احتلال فرنسا لنا، وهو من كانت تدعمه أمريكا …

إذن أيها المعاق: استفق واعرف قدر الرجال، وعندما تستفيق من اعاقتك الذهنية، وتصبح تفكر كما يفكر غير المعاقين ذهنيا… وتفهم الصراع الدائر في الشرق الأوسط الجديد …وفي الجزائر التي تحتل موقعا استراتيجيا… وقد حباها الله بثروات مختلفة… ساعتها ستنزع عنك صفة المعاق ذهنيا…وتصبح جزائريا كما كان هواري بومدين رحمه الله.

نورالدين خبابه 30 أكتوبر 2017

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version