جامع الجزائر هو سبب  المشاكل !

هذا هو موقف الأقلية العلمانية التغريبية المتنفذة منذ بدأ التفكير في إنجاز جامع الجزائر في العاصمة.

وأنا مثل الأغلبية الساحقة من الجزائريين أتوجس من أية مبادرة صادرة من النظام الحاكم ولا أرتاح لها وأشكك في النوايا لأننا لا نؤمن أن خيرا يمكن أن يأتي من هناك أبدا ، لكن إذا نظرنا إلى المسألة بموضوعية وجدنا زيف النخبة اللائكية وزيغها واضحا للعيان ، فذريعتها التي صدّعت بها الرؤوس أننا في حاجة إلى مستشفيات لأن عدد المساجد كافٍ ، يا سلام ، كلام جميل …أصبحوا يهتمون بصحتنا ، فلماذا لا ينظرون إلى المليارات التي توزع بسخاء على المطربات اللاتي يتمّ استقدامهن من هنا وهناك لنشر الرذيلة ؟ والمهرجانات الغنائية  ” الدولية ” ؟ واللاعبين والمدربين الذين يأخذون ثروات طائلة ويحققون نتائج هزيلة ؟ والمليارات المنهوبة في وضح النهار ؟ ورواتب البرلمانيين الخيالية من غير جدوى ؟

هذا الجامع هو الذي جلب لنا الأزمة الاقتصادية وفرض علينا التقشف ، هو تبذير للمال العام !!! لا ، مشكلتهم ليست مع الأزمة لكن مع الاسلام ورموزه ، الجامع في موقع استراتيجي يرى الداخل إلى العاصمة من خلاله هوية الجزائر العربية الاسلامية ، سواء دخل من طريق الشرق أو جاء من المطار أو عن طريق البحر ، وهم يرفضون هذا تماما ، يريدون إبراز الوجه  ” الحداثي ” والفرنسي بالذات ، الجامع يزاحم رمزهم الذي سمّاه الجزائريون ” هبل ” …هذه هي الحقيقة.

مهما كانت نية النظام ودوافعه وموقفنا المبدئي منه فإنه يجب أن ننتبه إلى أغراض التغريبيين فلا نعينهم عليها بأي شكل … مال الأمة يُستنزف بألف وسيلة فيما لا يجدي فليُستثمر في جامع يحفظ – رمزيا – هويتنا في وجه الغزو الفكري المسلط علينا داخليا ويكون غصّة في حلوق ” القوم ” وقذى في أعينهم ليتراءى للزائر وجه الجزائر الأصيل بدل ذلك الانتماء الهجين الذي يصنعونه لنا رغم أنوفنا.

هكذا فعلوا مع مسجد وجامعة الأمير عبد القادر في قسنطينة ، ولولا إصرار الرئيس الشادلي بن جديد رحمه الله لما رأى أحدهما النور بل لتمّ هدمهما بذرائع تقنية “علمية ” تماما كما هو الشأن اليوم مع الجامع.

عبد العزيز كحيل
19 أوت 2017

***

ما معنى انتصار الاسلام ؟

عندما أتناول الحديث عن البشائر بانتصار الاسلام فإني لا أهرب من الواقع ولا أحلّق في الأحلام ولا أنشر الأوهام ، أنا واعٍ بالواقع وتعقيداته وما يتسم به من ضعف الأمة وقوة الخصوم والتحديات ، لكني لست محكوما بالمقاييس المادية وحدها وإنما أنطلق من رصيد وافر من بشارات الوحي ، وإني لأبصر تلك الأمارات التفاؤلية بيقين لا يخالجه شكّ لأني أراها بعين رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى ، وإذًا حين أسوق هذه البشارات فإني أدعو إلى الحركة القوية الفاعلة لتقريب أوانها ، وإني بالتالي أبعد الناس عن السلبية والاتكالية ، إني أتحدث عن المستقبل الذي يجب أن نصنعه لا عن الماضي الذي كان مزدهرا ، لا أدعو إلى الانتظار ولكن إلى الانطلاق بثقة كبيرة بالله وبالنفس وبالأمة ، يجب تجاوز الاحباط والعُقد النفسية التي ارتكسنا فيها بسبب واقعنا المتدهور ، ولا شيء يطعّمنا بجرعنا إيمانية منعشة مثل هذه الأحاديث النبوية .
– حديث : إن الله زوى لي الأرض ( أي جمعها وضمها ) فرأيت مشارقها ومغاربها ، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زُويَ لي منها ” – رواه مسلم.

هذا حديث عن اتساع دولة الاسلام ، أي أن الاسلام ستعود له دولة وستتسع في الآفاق، وقد حدث شيء من هذا زمن الخلافة العثمانية ويكتمل في المستقبل.

– حديث : ليبلغن هذا الأمر ( أي الاسلام ) ما بلغ الليل والنهار ، ولا يترك الله بيت وبر ( أي الخيام ) ولا مدر ( أي البنايات ) إلا أدخله هذا الدين بعزّ عزيز او بذلّ ذليل ” – حديث صحيح رواه أبن حبان.

هذا الحديث يبشر بانتشار دعوة الاسلام حتى تدخل كلمة الله على الناس في بيوتهم أينما وُجدوا ، مثلا عن طريق الفضائيات والإنترنت والكتب والصحف ونحو ذلك من وسائل الدعوة.

الحديثان يجمعان بين قوة الدولة وقوة الدعوة.

– حديث : سئل الرسول صلى الله عليه وسلم : أي المدينتين تفتح أولا : القسطنطينية أم روميا ؟ فقال : مدينة هرقل تفتح أولا ” – رواه أحمد

هذا هو مستوى الصحابة رضي الله عنهم ، تجاوزوا اللحظة الآنية ودخلوا عالم المستقبليات ،وكانوا على يقين من دخول الاسلام عاصمتي بيزنطا وروما ، فأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن العاصمتين الكبيرتين ستُفتحان ، وقد أصبحت اسطنبول مسلمة وستصبح روما كذلك من غير شكّ ، ولا يشترط ان يكون الفتح بالسلاح ونحن نرى بأعيننا كيف يسوّق الاعلام الحديث بوسائله المتطورة ما يشاء من الدعوات والأفكار والقناعات ، تدخل بيوت الناس في القارات الخمس وقلوبهم وعقولهم من غير استئذان ، أفليس الاسلام أولى بالانتشار بهذه الطريقة ؟ يبشّر به الدعاة بمختلف اللغات ، يعرّفون بعقيدته وشرائعه وتصوّره للدين والحياة والإنسان ، يتمثلون مكارم أخلاقه ، يجادلون عنه ، يبرزون وجهه الجامع للمحاسن، يجاهدون بالقرآن  كما أُمروا : ” وجاهدهم به جهادا كبيرا ” – سورة الفرقان 52

فلنتجاوز حالة اليأس والقنوط التي صنعها لما الحُكام تعضدهم ثقافة دينية مغشوشة ولْنبصر الفتح الآتي ، نراه بأعين رسول صادق في كل ما يُخبر به ، قد وقع كلّ ما أنبأ به وسيحدث الباقي.

سؤال جوهري : ماذا أنت فاعل من أجل انتصار الاسلام ؟ أم أنت متفرج ؟ أم قابع في قاعة الانتظار ؟

كن إيجابيا ، كن عاملا من عوامل النصر وجزءا من الحلّ ، ساهم في إيجاد جيل النصر المنشود بالتنشئة الواعية والتربية الجادة.

هل تُعدّ أبناءك لهذه الغاية ؟

جوهر القضية : ما معنى انتصار الاسلام ؟ إنه لا يعني جمود الحياة وتسلّط الطغاة المتغلبين ، الرجال في المساجد والنساء في الحريم ، الجلاد منهمك في قطع الرؤوس والأيدي وجلد الظهور ، اللِحى تملأ الشوارع ، الجباه مقطّبة ، الابتسامة ممنوعة ، العودة إلى أساليب حياة القرن الأول في الصحراء…

لا ، أبدا ، بل يعني إشاعة الحرية والعدل والمساواة وسيادة الأخلاق والحكم الراشد ، يعني استقامة التعليم وتشجيع الإبداع ورفع قيمة العمل ، يعني وجود مراكز أبحاث وجامعات لا تخرّج البطالين وإنما العلماء الراسخين المخترعين والمستكشفين ، يعني بالدرجة الأولى رفع قيمة الانسان ليصنع كل هذا .

عبد العزيز كحيل
18 أوت 2017

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version