جيلُ الرماد

النص مهدى
إلى أرواح شهداء ثورة التحرير الطاهرة
إلى الشبيبة الجزائرية المقهورة
إلى ضحايا الإرهاب وعائلات المفقودين
إلى السيّد علي يحي عبد النور، الرئيس الشرفي للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان
إلى السيّد عبد العزيز رحابي، وزير سابق في الحكومة

“نحن نراكم لأنكم واقفون في النور المظلم، أما أنتم فلم تروننا لأننا جالسون في الظلمة المنيرة” (جبران خليل جبران، 1883-1931)

هربنا كلصوص الظهيرة وتركنا بلادنا وحدها، ودخلنا في جلدة منتحلي الذمم، واعتقدنا بعلمنا هذا أننا سنطلع القِمم، فزادت مآسينا وتُهنا في وحي القلم، كشطنا أعيننا وتلونا سوَرَ الفرقان في خلوتنا، لم نستطع الخروج من ليل أنفسنا خوفًا من نيرانهم المتأججة في وضَحِ النهار.

نحن الرماد بعينه وهم من أطلقوا النار علينا وأشعلوا فتيلها في القرى والمداشر.

زعموا أنّ لهم الماضي وإرثه التليد، وأن لهم التاريخ وحبله الوريد، لهم السلطة والشرف والمال إن امتلأت بطونهم قالوا هل من مزيد، لهم ذكريات الجبال والكفاح وأسرار الفلاح والصلاح، لهم تاريخٌ مجيد، لهم العزة والأمل ولنا الرياح والحرّ والحرْقةُ والحَرقَةُ والتنديد، لهم السياسة بعقولٍ غابت عنها الفراسة، لهم الرياسة والحكومات، لهم الجيوش والمعدّات، لهم الوزارات والدواوين والتشريفات، لهم القنصليات والسفارات، لهم العمادات والجامعات، لهم البنوك والمحلّات، لهم أنابيب النفط والفوسفات، ونحن ليس لنا سوى علّة الكساد والرماد، سوى ساحةٍ فسيحةٍ لظُلم العباد، سوى تاريخٍ مُهمّشٍ غابت عنه تضحية الأمجاد. أصبحنا نواسي الأرَضةَ في المقابر ونؤانس أرباب اليقظة في المعابد ونتوسّل لمَوْحياتِ الشعراء في المنابر، ونرتزق ونقتات مُنعَ الحياة في المتاجر و نتحدّث بمرارةٍ بلغت بها القلوب الحناجر. دحرونا وهرّسونا ودحضونا وكفّنونا؛ فَدُفِنْنَا في متاهات الغيظ نردّد دومًا، يموتوا هم وتحيا الجزائر. فتكوا بنا بسُمّهم وصبّوا جامَ غضبهم على ما بقي لنا من ماضٍ وحاضر، من عزّةٍ وكرامةٍ وذاتٍ وكبرياء، من عدلٍ وإخلاصٍ وصفاء. قالوا لنا أنهم أهلُ البندقية والبارود وصانعي النار التي تخرج من فمِ التنّين، و نحن لسنا سوى أقزامٍ صُغرٍ أتت بهم مجاديف الملّاحين من شلّالات العدم والخواء. تصفّحنا وتفحّصنا كُتب التاريخِ للعثور على إلياذتهم المرصّعة بالبطولات والحافلة بالشهامات، فما وجدنا إلاّ أقصوصاتٍ محشُوّةٍ بالأكاذيبِ والأخدوعات، حكمونا حينًا من الدهر بأبخس الشعارات وحوارٍ مُدّججٍ بالحِيَل والهفوات، مندسّين كالخفافيش المتشبثة بالمغارات، لا ترى النور ولا تُبصِر في الظُلمات، حكمونا بحشوِ الحديث وتنميقِ الخطابات، وهم ثلّةٌ من غفرٍ يحرّكها هوى النفس وحبّ الشهوات، زعموا أيضًا أنهم أنجبوا أسطورةَّ الثوّار وهم البررةُ الأخيار فقُلنا لهم لكم القرار، أنتم حماة الجزائر المدرار، فنهبوها بغيرِ علمٍ وباعوها بنصفِ دينار. إدّعَوا أنهم أيقونة الصمود، رمز الحرية والخلود، فانتظرنا نحنُ المستضعفين اليوم الموعود، ولم يكن عهدهم هذا سوى كرسيٍّ هم عليهِ اليومَ قُعود. إدّعَوا أنهم قاوموا كالصناديد، الغزاة المتعجرفين، فلم تعثر أعيننا في ابتذالهم إلاّ على آثار الهاربين والفارين خِلسةً من ساحة الوغى وحمم القتال لترميم شتاتهم في الحدود، خلف النيران والستار، ثم قالوا أنهم وُضعاءُ الأصلِ ونبعةُ الفضيلةِ وأهلُ الكتاب، فأكثروا لنا بناء المساجد والزوايا والمعابد في كل مكان، فاكتشفناهم في سراياهم أهل ترفٍ وزندقةٍ وبهتان، أكل المُجون عقولهم، فذهبوا في خبرِ كانْ. خطاباتهم جوفاء عرجاء من غيرِ ائتمانٍ.

أما عن جيلي فلقد أصابتهُ الكآبة، يحس داخل وطنه اغترابا وخارجَه فُسحةٌ، أولها مِسكٌ وآخرها سراب، فظلّ قانطًا، باكمًا، باكيًا يتضرّعُ أرواح الضحايا، ترعرع ورضع من أثداء الوطنية المسمومة وحفظ عن ظهرِ قلبٍ طيّات وجه النرجس في الماء الراكد، فتوهّم أنّ كل وثبةٍ إلى الأمام رافدها الوحيد هو العنفُ والرصاص، وأنه في مأزقٍ مسدودٍ يصعب منهُ الخلاص. علّموهُ بإتقانٍ إضرام النار في الفحم، فأصبح هو بحدّ ذاته الرماد الأزليّ لجمرها، ذلك الرماد المُفحم الأسود، المبعثَر في الهواء الطلق الخامد تحت طوفان نتونتهم الآسنة. تعبت أجسادنا في مرامي أنفسنا، فحدّقنا في العصافير تزقزقُ وفي الفراشات تحلّق وفي النكبات تتساقط وتتفرّق، في الورود تجفّ وتذبُل وفي طيّات الأمل تنهار وتحترق. نحن الجيل الضائع، جيل الرماد وثقافة الفايس بوك، رقدنا في سُباتٍ عميقٍ فأيقضنا سلاح القهر وألهمتنا سنون الحداد، فرأينا البلدان في قوس قزحٍ من الألوان، وغِبطةٍ عمت الجميع خِلسةً لم نراها منذ أزمان، وحيّتكم الرقطاء ترقصُ خوفًا على الدوام، وقصوركم المرصوفة بالجماجم والعظام، وعُروشكم المصنوعةُ من الكرتون تندثرُ كالرُكام، وسفاهتكم تنجلي بوضوحٍ دونَ إبهام. نحن الجيل الخاوي، المارق، الهزلي، الصفري، أفواهنا عنفٌ وأجوافنا مأساة، نهارنا هزْلٌ وليلنا مواساة. أصبحنا غرباء عن أنفسنا، عن أهلنا، عن أحبابنا، غرباء عن أوطاننا وفي بلداننا. قهرتمونا، فانزوينا تحت طائلة الصبر والأوجاع والجزعِ، فقدنا كلّ شيءٍ جميل، الحكمة والموعظة والفطنة والورع. نمشي حفاةً عراةً، فنتمايل والخوفُ يتوخّى أثرنا من دون اكتراث حتى ظننّا أنه توأمٌ لنا وهو نافذٌ في صدورنا من دون احتباسٍ.

الآنَ، وقد فهمنا نقنقتكم في المروجِ وهي كابدةٌ أغلالها بالأرضِ، الآن وقد رأينا برجَ النور يطلع من ثورة الياسمين، الآن وقد أثار حماستنا بركان النيل، الآن وقد بثّ الغبارُ صوت الأمل أمامَ أعناقكم السوداء، الآن وقد ماتَ الخوفُ في أعيُننا وماتت أمامها شعاراتكم الجوفاء؛ الآنَ وقد التمَّ الجميعُ مستأنسًا بشدّةِ الحر واشتعل فتيلُ النارُ حينَ التقى الجمر، وهبّت ريح ثورتنا حتى مطلعِ الفجر وكنتم يومها في حالةٍ من الذعر، لا قضاء لكم، لا قدَر ولا مستقر، ارتأينا إلاّ أن نخرج من الرماد فاكتسحنا الجمر فأشعلنا النيران في كل حدبٍ وصوب، من المشرقِ إلى المغرب. من طنجة إلى سدّ مأرِب، وسوريا مرُورًا بيثرب، ومِصرَ أمّ العرب، لم ينجِ قطٌ من الغضب، للكُلِ ألفُ غايةٍ ومطلب.

الآن نودّ أن نقول لكم أنكم أصبحتم تبنًا طريًّا لتعاستنا ولفاقتنا. إنّ طريقكم ليسَ طريقنا، وميثاقكُم ليسَ ميثاقنا. بطرتم الحق دونَ استحياء ولمْ يكُن صياحُنا عدا كلامًا هزليًا تردّدُه الأصداء، ولم نكن في نظركم سوى فضَضٍ من المدّعينَ الأغبياء، وأنتم أغرقكم طوفانُ النفطِ في الصحراء، بثمالةٍ أسقَطَتْ أحْكمكُم بالإغماء. وتقاعستم علينا حتى سالت دموعنا على ألهبتكم فأطفأتها، فأضحيتم تتألّمون وتهذون، قاتمين في السواد رمادا. تماديتم عنّا طوال الدهرِ بازدرائكم وجبروتكم، فتآلفت برصاؤكم مع مرارتنا. عشنا بائسين بِئسَ المشاكل والأهوال التي تسكننا. أردتم فينا نُدَماء لأهوائكم وشقائكم، فلم نقبل هفواتكم، وثرنا عليكم لنقلعكم من أعجازكم وجذوركم فنطردكم بذلك من تاريخنا إلى الأبد ونرميكم في سلةِ المهملات لكي يتراءى لنا بريقُ النورِ في السماءِ العالي، وننسى سُهدَ اللّيالي وما ضاع من نفيسٍ وغالٍ، لقد ركَبْنا اليومَ رأس النضال، فأصبحتُم أنتم الرماد الخافت المنطفئ ونحن الجمر المدوّي الملتهب، نحنُ من يصنعُ اليومَ النصرَ ومن يصنعُ الغضب.

دعونا نقول لكم أننا مُتنا تحت صليلِ كلماتكم الغريبة التي نفثت غِلّها في أحشائنا فأُغمِيَ على آمالنا في فُحمةِ الليل، وهُدِرتْ دماؤنا كغُثاءِ السيل، وأُدِنْنَا بتُهمةٍ مُلفّقةٍ من غيرِ دليل، فَثُرنا على ما فُعِلَ بنا من عذابٍ وتشريدٍ وتنكيلٍ، فانْبَرت مساعينا انبراءًا وأضحت غير قادرةٍ على خوضِ غمارِ الحياة، غارقةً من أخمصِ القدمينِ إلى قمةِ الرأسِ في تشييداتكم الكابوسيةِ. وقعنا في فَخّكم، تِهنا في سِردابكم، وسبحنا في عتاهتكم، وغِلنا غلولاً في مكائدكم حتى استيقضنا منتفضين، عابسينَ عليكم وأنتم تتساقطون في الظهيرة كأوراق خريفٍ على الثرى واحدًا تلو الآخر، كالأواني المستطرقة في لعبةٍ ضحلةٍ كبيرةٍ، سمّيناها بالمناسبة، نظرية الدومينو، فكيفَ لم تفهموا اللعبة وأنتم أوّلَ من اقترفَ الذنوب وقامرَ بمصيرِ الشعوب؟ فتركتم عرينكم الفاسق للرعاع والبسطاء، وخبّأتم ذريتكم وأحفادكم في حِجْرِ مواليكم وأسيادكم المنافقين الذين داروا عليكم مثل الثعالب والثعابين وساندوا الشعوبَ المستضعفة بعد فوات الأوان، الذينَ انتهكوا حقوقَ الإنسان وقالوا أنهم دعاة أمنٍ وسِلمٍ واطمئنان، الذين منعوا الإنسانَ أن يكونَ إنسانا، بغُلوّهِم وخِدعهم وعملِهمْ مع الجان، وكنّا نحن الضحيةَ وأنتم من قدّمها على فِنجان. فأصبَحت أرواحنا في نسيسها تحتضرُ لافظةً آخرَ رمقٍ من ألوانِ الوجدان. هؤلاء هم حلفاؤكم في الأمسِ واليوم، دعاة الشُؤمِ واللؤمِ، الذين جعلوا بلادنا خرابًا يُعَشِّشُ في أركانها البوم، الطامعون، الساديون المتلذّذون بقطرات الغاز والبترول التي تكتنزها صحارينا الشاسعة اليوم. انتظرنا لُبثَةً، وأنتم تُمخظونَ سقاوتكم على جناحِ السرعةِ فوقَ ثيابكم التنكرّية، وكأنّ الزكام قد اجتاحَ شعبتكم القصبية بأسفهِ طريقةٍ، لتوفدون هارعين، جارين للتدفؤ بأخشابنا المحترقة والمتأجّجة بالنار.

نحنُ الشابّاتُ العوانس، نحنُ الشبانُ المهدورون، نحنُ الأراملُ المنسيات، نحنُ الثكالى المحرومات، نحنُ يتامى حربكم القذِرةِ الضروس، حرب الوهمِ والعبثِ والجنون، نحنُ من ينطقُ على وقعِ الآهات، نحنُ من أمضى غصبًا في عهدكم، شهادةَ الوفاة، نحنُ الشهداءُ المفقودون في زيفِ التاريخ، نحنُ المجاهدون المرجومون. نحن هو ذلك الجيل الذي لقي حتفهُ في أنبالِ سفسطتكم العمياء. اليوم نسعى بلهفٍ ونهمٍ كبيرين إلى قلبِ موازينِ ذاكرتكم المُمياء، لتُؤنب ضميرها بثوراتنا البواحة، ونحرق نحنُ أحفاد الثوار، أكاذيبهم في باحةِ الحقيقة لتصبح أباطيلكم ومرمدتكم رمادًا نرمي بهِ إلى مزبلةِ المنسيات. هذهِ هي أمنيتنا الوحيدة ورجاؤنا الأخير.

كمال قروة
17 أوت 2011

La génération des cendres

Le texte est dédié
Aux âmes des martyrs de la guerre de libération
Aux victimes du terrorisme et aux familles de disparus
A la jeunesse algérienne opprimée
A monsieur Ali Yahia Abdenour, président d’honneur de la LADDH
A monsieur Abdelazziz Rahabi, ancien ministre algérien

« Nous vous voyons car vous êtes debout dans la lumière ténébreuse, mais vous ne nous avez pas vu car nous étions assis dans la nuit lumineuse. » (Gibran Khalil Gibran, 1883-1931)

On s’est enfui comme les truands du Midi (1), on a abandonné seule notre patrie et on s’est fondu dans la masse des usurpateurs des consciences. Le comble, on a cru qu’avec cet exploit, l’on pourrait atteindre les cimes du renom. Hélas, nos tragédies sont allées crescendo, nos malheurs se sont amplifiés et l’on s’est égaré dans les révélations du savoir, ce faisant, on s’est creusé nos yeux et psalmodié des versets du Coran durant notre solitude mais malheureusement, on n’a pas pu sortir de la nuit de nous-mêmes par crainte de leurs flammes incandescentes qui crépitent rageusement en pleine journée.

Nous sommes la cendre elle-même et ce sont eux qui nous ont tiré dessus et enflammé la mèche du feu dans les villages et mechtas.

Ils ont prétendu qu’ils avaient le passé et son glorieux héritage, avaient l’apanage de l’histoire et ses solides amarres, ils se glorifiaient également d’avoir autant de pouvoir, d’honneur et de fortune à telle enseigne que lorsque s’en remplissaient leurs bedaines, elles en redemanderaient davantage. Leur vantardise dépasse les normes si bien qu’ils s’en enorgueillissent outrageusement en affirmant tenir les rênes mémorielles des montagnes et du maquis, tout en couvant jalousement sur le sésame de réussite et les recettes du salut. Ils se vantaient, en somme, de leur fantasmagorique histoire, ils donnaient la fausse impression de s’accaparer aussi bien la dignité que l’espoir et nous, les pauvres malheureux, n’avions que le froid de l’harmattan, la canicule étouffante, la brûlure dans les tripes, des souffrances générées par la Harga (2) et surtout une forte dose de consternation mêlée de stupeurs en tout genre. De l’autre versant, eux, les heureux nantis, ils avaient conquis la politique avec des cerveaux complètement dépourvus de sagesse et sevrés de culture, maniant l’art de la rhétorique, spécifique aux politicards véreux qui déconnaient à tout bout de champs. Mine de rien, ils trépignaient d’allégresse car ils roulaient sur l’or du trône et des régences, géraient imperturbables, les ministères, les Diwans (3), et les protocoles. Ils tenaient en main la destinée des consulats et ambassades, rectorats et facultés, banques et grandes surfaces, et le malheur, ils avaient des pipelines du pétrole et du phosphate.

Et nous, les déchus de l’existence, nous n’avions que la maladie de la dégénérescence qui nous incinère et jette en pâture aux grands prétoires des tribunaux édifiés en la circonstance par leurs sbires afin d’instaurer l’injustice des hommes sur terre. Lesquels tribunaux donnaient naissance à une espèce d’histoire de marginalisés, en perte de lustre et de gloire. Ce qui nous a amenés, un moment donné, dans un semblant de creux défaitisme, à compatir avec la douleur des vers de terre dans les cimetières, à tenir compagnie aux gens de sagesse dans les temples, à boire goulûment les inspirations des poètes qui, dans leur cénacle, ahanent sur les tribunes, à végéter des miettes de vie sur les étals des marchés et à ravaler la douleur de nos privations au-dedans de notre extrême amertume. Les salauds, ils nous ont écrasés, corrompus, soudoyés, pervertis, et ensevelis. C’est pourquoi, nous nous trouvions misérablement enterrés dans les labyrinthes de la déchéance et des ressentiments en criant tout le temps et à tue-tête, « mort aux tyrans et vive l’Algérie ». Néanmoins, ils ont fini par nous empoisonner en jetant l’écume crasseuse de leur colère sur ce qui reste de notre passé et présent, de notre fierté et dignité, de notre être, droiture, abnégation, pureté et amour-propre. Ils nous ont rabâché les oreilles par leurs foutaises insensées en répétant sans cesse et à coups de serpes tranchants qu’ils étaient et demeureraient probablement à jamais les pionniers de la « Boundoukiya » (4) et du baroud, soi-disant, ces fameux baptiseurs du feu qui jadis jaillissait de la bouche du sphinx. Et que nous ne sommes, à leurs yeux, que des petits nains charriés par les rames des marins depuis les cascades du néant et de la béance. Pardieu, quelles invraisemblables balivernes!

Bien que l’on ait bien feuilleté et fouillé minutieusement les palimpsestes d’histoire dans la seule intention de trouver trace de leur odyssée épique, truffée d’héroïsme et parsemée de prouesses, l’on n’avait malheureusement réussi à extraire que des récits bourrés de mensonges et du machiavélisme. Hélas, ils nous ont gouverné de cette ignoble façon depuis fort longtemps en badigeonnant leurs sales devises de douces bondieuseries et en bourrant leurs discours de bourdes à tout venant, adoptant de la sorte l’écholocation des chauve-souris quand elles s’accrochaient coûte que coûte à leurs grottes mais qui n’arrivaient pourtant pas à distinguer la nuit du jour. En fait, ils ont régné sur nos têtes depuis la nuit des temps, usant de fioritures panégyristes diverses alors qu’ils n’étaient en réalité qu’une poignée de débauchés ignares, mue par le stupre et le luxe. Trop de choses à raconter, trop de fiel à déverser, et il semble que l’on en est vraiment gavés. Ils ont également prétendu avoir mis au monde la légende des révolutionnaires, livré pieusement bataille aux orgueilleux envahisseurs, et somme toute, étaient de braves types. En nous grugeant ainsi, adroitement et malicieusement, de leurs tactiques, ruses et maléfices, on en a avalé atterrés tout en leur affirmant notre soutien, les assurant que « l’Algérie utile » était la leur et qu’ils avaient toute latitude à la gérer à leurs convenances, eux les grands combattants de l’aube des temps. Hélas les ignares, ils l’ont indifféremment vendu et hypothéqué à bas prix. Et pourtant, ils ont affirmé, toute honte bue, qu’ils étaient l’icône de la persévérance, symbole de la liberté et de l’immortalité. Raison pour laquelle, l’on a trop poireauté dans le néant, nous les pauvres d’esprit, attendant le jour de l’éternel retour bien que leur serment ne fût en vérité qu’une appétence particulière pour le trône sur lequel ils se sont encore vautrés jusqu’à nos jours. Ils crient à qui voudrait bien les entendre qu’ils étaient les maquisards de première heure bien que nos yeux si tatillons et si scrutateurs n’aient cependant trouvé dans leur niaiserie que les empreintes de lâches fuyards et déserteurs, ayant quitté en catimini, les champs de guerre afin de recoller leurs miettes loin des feux de la rampe, là-bas, protégés derrière les rideaux aux « Frontières » (5). Puis, ils nous ont affirmé qu’ils étaient issus de noble race, source de vertu, qui plus est, gens du Livre. C’est pourquoi ils n’ont jamais cessé de nous construire partout mosquées, zaouïas, et temples. Et soudain, on les a toutefois découverts invétérés débauchés, fieffés menteurs et apostats ringards, et leurs discours soporifiques sans assurance aucune, gangrenés d’ellipses et pétris de circonvolutions.

Ma génération est par trop triste, elle est pessimiste, elle se sent exilée dans son pays et patriote dans l’exil quoiqu’elle n’en finisse pas de se détromper chaque jour davantage car elle a finalement compris qu’elle n’avait pas un pays de rechange et qu’elle ressentait atrocement, en dernière instance, un avant-goût de mirages infondés. Tout au plus était-elle muette et pleurnicharde sur son sort dans la mesure où elle pleurait la mémoire de ses victimes. Elle a, au fait, tété du sein du patriotisme empoisonné et appris par cœur les ondulations du visage du Narcisse dans l’eau stagnante, elle s’est fait tas d’illusions, cru qu’un quelconque pas en avant ne saurait se réaliser que grâce à la violence du mortier et qu’elle était indéfiniment coincée dans un terrible cul-de-sac. Ils lui ont enseigné à merveille comment mettre le feu dans le charbon. Ainsi ma génération devient-elle, elle-même, l’éternelle cendre de ses braises. Ces cendres d’un noir d’ébène carbonisé et semées dans l’air libre, éteintes par l’effet de leurs putrides défécations. Nos corps semblent en effet être fatigués à l’intérieur de nos parois spirituelles. C’est pourquoi, l’on a contemplé les oiseaux jacasser et gazouiller dans le vaste univers, regardé les papillons voler, senti les misères s’y abattre, les deuils s’y précipiter et les fleurs y perdre leur lustre et se faner.

On est la génération perdue, la génération de cendre et de la culture du facebook, on s’est depuis fort longtemps saoulé dans une longue et profonde torpeur jusqu’à ce que l’arme de la terreur et les années de braise et du deuil nous aient gracieusement inspiré. Et c’est à ce moment-là que l’on a vu les lointaines contrées parées de leurs couleurs les plus irisées préludant une joie envahissante que nous n’avions pas pu ressentir depuis des lustres, aperçu votre couleuvre grelottant, tout le temps, de taraudante peur, vu éloignés, vos palais pavés de crânes et de squelettes. Ceux-ci s’estompent au fur et à mesure que le temps passe, et nous avons ressenti votre niaiserie s’évanouir dans la nature sans nous en aviser alors que les Aarouchs Taiwan que vous avez fabriqué de toutes pièces, prennent sordidement la poudre d’escampette.

On est certes la génération vide, la génération de voyous, la génération burlesque, la génération nihiliste car nos bouches crachent violences et nos ventres cachent souffrances. On est devenus étrangers à nous-mêmes, étrangers à notre entourage, étrangers à nos amis, étrangers à notre pays et dans notre patrie. Vous nous avez humiliés et l’on s’est tapi sous la férule de la patience, de la crainte et des maux en perdant la sagesse, la bonne intention et la foi. On a marché pieds-nus et titubé lorsque la frousse aurait indifféremment dépisté nos traces, nous léguant l’étrange impression qu’elle est notre véritable sosie d’autant plus qu’elle oppresse sans répit nos poitrines.

Maintenant que l’on a compris le sens de votre gloussement dans les marécages, identifié le mobile de vos hantises qui s’incrustent à notre terre ferme, maintenant que l’on a aperçu la lueur de lumière monter de la Tunisie du Jasmin, maintenant que l’on a senti notre verve secouée par le volcan du Nil, maintenant que la poussière a sali vos lâches cous qui refusent de se faire laver par la bulle de l’espoir, nous n’avons trouvé autre meilleure solution que de sortir de la noirceur des cendres afin d’envahir leurs braises, c’est pourquoi l’on a allumé le feu partout du Maghreb au Machrek. Du Tanger au barrage du Yémen, et de la Syrie en passant par les lieux Saints, sans oublier bien sûr la grande Egypte, foyer du prestige et d’arabisme. Nul des despotes honnis n’est épargné alors que les protestations fusent pratiquement de toutes parts.

Maintenant, nous voudrions bien vous dire que vous êtes devenus une proie facile et une paille savoureuse pour notre pauvreté. Vous avez foulé au pied la justice, vous vous êtes montrés orgueilleux et condescendants envers nos vœux à tel point que nos grosses larmes se soient déversées sur vos flammes et l’aient éteintes, et là vous souffrez péniblement et sombrez dans vos terribles hallucinations, engoncés dans le noir d’ébène de nos cendres. Vous avez longtemps tergiversé par votre hésitation et arrogance. Ainsi votre lèpre sauvage s’est-elle ralliée sur un coup de tête irréfléchi à notre docile amertume. On a vécu misérables à l’image des problèmes et catastrophes qui nous avaient hantés. Vous avez voulu faire de nous de zélés serviteurs à vos heurs et malheurs mais l’on a jamais accepté vos bourdes et nous nous sommes révoltés pour vous extirper de la terre par vos chicots et vos racines, en vous congédiant à jamais de notre histoire et en vous jetant à sa poubelle afin que nous puissions apercevoir, dans le firmament de l’univers, l’étincelle de lumière et que vous deveniez, vous, la cendre éteinte et nous la braise tout autant pétaradante qu’incandescente.

Laissez-nous, un instant, vous dire que nous avons péri sous le cliquetis de vos étranges mots qui ont détruit de l’intérieur nos tripes. Nos espoirs sont, par conséquent tombés, en pleine nuit de ténèbres, dans les vapes, ils se sont amaigris un si grave amaigrissement qu’il n’est plus possible pour eux de s’immerger dans le fleuve de la vie, car ils sont noyés de pied en cape dans vos édifices cauchemardesques. On est tombé dans votre piège, erré devant votre cul-de-sac, plongés dans votre étourderie et s’est enfoui dans vos gibecières pour nous réveiller, en fin de compte, révoltés et très remontés contre vous alors que vos têtes tombent l’une derrière l’autre comme des vases communicants dans un gigantesque jeu que l’on a, pour la circonstance, baptisé « la théorie de Dominos ».

Mais comment vous n’avez pas compris le jeu alors que vous avez tout le temps joué de notre destin?

Et là vous venez de quitter à la hâte votre repaire de débauche afin de le livrer à votre corps défendant à la plèbe et aux masses, tout en veillant scrupuleusement à cacher votre progéniture et arrière-fils dans le terrier de vos maquignons et hypocrites commanditaires qui se sont légués contre vous comme des renards futés et des serpents vénéneux en soutenant très tardivement et à contre cœur les peuples affaiblis et opprimés sachant bien qu’ils agonisent depuis belle lurette, et maintenant ne font qu’expectorer le dernier souffle de vie. Ce sont ceux-là vos alliés d’hier, voraces et courant derrière les gouttes du gaz que recèlent nos immenses déserts. Ceux-là qui ont transgressé les droits de l’homme et empêché par leur hypocrisie l’épanouissement de l’humanité. On dirait des terribles fantômes. Ceci vous êtes bien placés pour le savoir bien que vous nous ayez livré sur un plateau d’or à leur voracité et notre pays en a sérieusement pâti. Et oui, on a attendu un petit moment, et vous étiez là devant nous, comme de misérables morveux en train de vous moucher hâtivement sur vos habits d’apparat comme si le rhume aurait bouturé vos pectoraux de la vile manière qui soit. Et maintenant vous affluez éberlués, pressés pour vous réchauffer de notre bois vert rongé et dévoré par le feu. Nous sommes les jeunes frustrés, nos sommes les jouvencelles célibataires, nous sommes les veuves oubliées, nous sommes les orphelins de votre sale guerre, celle de la folie et du désastre, nous sommes ceux qui avons enduré les effets pervers de vos politiques de douleur et du hasard, nous sommes ceux qui prononcerons l’acte de votre décès, nous sommes les martyrs perdus dans le trafic de l’histoire, et nous sommes les combattants de première heure hués et conspués par l’effet de vos malheurs.

On est cette génération-là qui a rendu l’âme des suites de votre aveugle sophisme. Aujourd’hui, l’on s’ingénie avec une grande délectation et enthousiasme à déstabiliser votre mémoire momifiée de manière à ce qu’elle ressente le choc des remords que généreraient nos tonitruantes révolutions, et que nous brûlions par nous mêmes, nous, les descendants des révolutionnaires, vos mensonges au milieu du foyer de la vérité afin que vos péchés et vos diatribes se muent en cendres que l’on jetterait volontiers à la corbeille des oubliettes. C’est cela notre unique espérance et dernier vœu.

Kamal Guerroua
Texte écrit avec les propositions intéressantes de Monsieur Hammou Boudaoud.
17 août 2011

Notes :

(1) Conception orientale du vol qui se commet aux environs du midi parce que moment de sieste et de farniente où la vigilance baisse, donc, les larcins possibles.

(2) Harrag: terme qui vient de l’arabe et désignant celui qui viole les normes. De nos jours, il caractérise les clandestins qui quittent leur pays en felouques de fortune pour l’Eldorado européen.

(3) Diwan: terme apparu dans l’ère des Califes et qui désigne les services ministériels. Ici il désigne les services administratifs et décisionnels liés à la présidence.

(4) Terme arabe désignant le fusil. On a trop longtemps divisé dans l’imaginaire colonial l’Algérie en pays Sibaa (Baroud) et pays de l’Aman (soumission), cette conception fait son petit bonhomme du chemin même au lendemain de l’indépendance, la génération de « la Boundoukiya » en fait tout un mythe.

(5)Notion en référence à l’armée des frontières.

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version