“ما عساه أن يخشى من غضب البشر، من يخشى غضب الله؟” (حكيم مجهول)

السيد الرئيس،

في ختام الرسالة المفتوحة التي وجهتها لكم بتاريخ 14 سبتمبر 2007 (*) والتي ناشدتكم فيها ضرورة التصدي للوضع المتعفن الذي ينخر البلد في العمق، مقطّعا أوصال المؤسسات والمجتمع على حد سواء، كنت قد أشرت لكم فيها على وجه الخصوص بما يلي:

“ما أتمناه في اللحظة الراهنة هو أن تبذلوا قصارى جهدكم لتجنيب هذا البلد الجريح مزيدا من الانحدار بين مخالب حكم الأقلية المتربصة بكل الفرص المتاحة، وانتشاله من قبضة حكم يفتقد إلى الضمير الحيّ، لم يعد لها اليوم إلها تلجأ إليه، سوى الانغماس في عبادة الذات والمال والسلطة من أجل السلطة، أما أسمى أمنيتي، فهي أن يُصغى إلي، حتى تشفع لي هذه الرسالة، يوم يقف كلانا أمام الملك الديّان

“.

***

واليوم ونحن في شهر فبراير من عام 2010، لم يعد سرا لأي احد – في الداخل والخارج – ذلك التقهقر الرهيب الذي تعرفه بلادنا سواء على الصعيد الاجتماعي والسياسي، أو على المستوى الأخلاقي والمدني، بدءا من الدكاكين والملحقات القنصلية المعتمدة في الجزائر، التي أصبح بعضها – في غياب الدولة الآخذة في التحلل – عبارة عن بورصة حقيقية لتبادل المعلومات الاستخباراتية، ولشيوع الفجور وانتشار النشاطات المافياوية من شتى الأنواع، التي أصبحنا نعرف من خلال قائمة عروضها، أصداء عن آخر الفضائح، ذات الصلة بالعقود الخيالية المبرمة خلسة، أو بآخر ما اقتنته هذه الغانية الفاتنة أو تلك من مجوهرات مستفزة. أما الدولة الجزائرية ومؤسساتها وقادتها، فقَدَرهم الاحتقار والسخرية والمهانة.

وفي وضع كهذا، كيف لنا أن نندهش عند سماعنا عن الحالات المتعددة من المعاملة العنصرية المهينة والمضايقات التي يتعرض لها مواطنونا المهاجرون، أو المسافرون إلى الخارج، من قِبل السلطات في هذا البلد أو ذاك، دون أن يسفر ذلك عن أيّ رد فعل رسمي جزائري؟ فلا عجب، إذ ليس أمام هذه السلطة المحتضرة، المدركة إدراكا تاما لوضعها اللاشرعي وتفسخها الأخلاقي، سبيلا وخيارا سوى الاستمرار في انتهاج سياسة النعامة؟ لكن مع فارق، فالأمر يستساغ بالنسبة لتصرف هذا الحيوان، عند إخفاء رأسه، فقد يعود ذلك إلى امتلاكه قدرا من الشعور بالخجل، قد يحسده عليه الكثير من قادتنا.

هل يحق لنا أن نشعر بالدهشة اليوم، ونحن نتفرج عاجزين أمام هذا الشلال من الشهادات المتواترة التي تعالت أصداؤها في الأيام الأخيرة، عبر وسائل الإعلام الوطنية والدولية – بجميع أصنافها – عن التحقيقات الجارية للتدقيق في عمليات السلب التي ليس لها مثيلا، ونهب مبالغ تفوق كل تصور، قيمتها تقدّر مليارات الدولارات، تستنزف الاقتصاد الوطني منذ سنوات؟ ومما يزيد الأمر خطورة، أن هذه العمليات متورطون فيها أعلى المسؤولين في الدولة، بما في ذلك أعضاء من محيطكم الضيق، سيدي الرئيس، بل وفي صفوف حكومتكم، ناهيك عن الحديث عن تحقيقات مضادة، حول إعادة فتح بعض الملفات ذات الصلة بجرائم العنف التي يتمادى البعض، على مدى سنوات، في تجاهلها، مثل اغتيال الرئيس بوضياف وعدد كبير آخر من الضحايا المدنيين، المعروفين منهم وغير المعروفين، ممن قضوا خلال أحداث العشرية المظلمة، دون أن ننسى الجرائم الجماعية التي ارتكبت في الرايس وبن طلحة وغليزان، وغيرها من مناطق البلاد، لا يزال ضحاياها بالآلاف ينتظرون، تحقيق العدالة من داخل قبورهم الجماعية.

إن هذا التفاقم المفاجئ والمرعب الذي تشهده الأزمة الوطنية هو الذي جعلني أكرر اليوم، السيد الرئيس، ما بادرتُ به بالأمس – في سبتمبر 2007 – بصفتي مواطنا فحسب، ليس أمامه سوى مناشدتكم مرة أخرى، لاستخدام نفوذكم، انطلاقا من منصبكم كرئيس للجهاز التنفيذي، ليس لخدمة الأنا الضيقة، ولا لخدمة الأقلية المتحكمة، المدنية منها والعسكرية، التي فقدت مصداقيتها، ولكن خدمة للمصالح العليا للأمة، وفق ما تمليه عليكم القيم الأخلاقية السامية، وثانيا وفق أحكام دستور سبق وأديتم اليمين عليه ثلاث مرات، بمناسبات تنصيبكم المتتالية.

ذلك لأنّ التصدعات الخطيرة التي نفذت الآن إلى قمة هرم الدولة، ليست إلا حلقة جديدة ضمن “الصراعات بين الزمر المتحكمة”، التي رافقت للأسف الشديد كافة مراحل التاريخ الحديث لبلادنا. فالحروب بين أقطاب الحكم، كثيرا ما نجم عنها عواقب مأساوية، خلفت – كل حسب درجة حدتها – عشرات الآلاف من القتلى، معظمهم من المدنيين الأبرياء، هذا عندما لا تكون الأرقام بمئات الآلاف من الضحايا، مثلما جرى خلال العشرية السوداء التي تلت انقلاب يناير عام 1992، الذي نفذه الجنرالات الانقلابيين المغامرين، عند انتهاكهم الإجرامي للدستور والدوس بالأحذية على الإرادة السيادية للشعب.

لكن ثمة شيء واحد مؤكد، السيد الرئيس، فما عدا أشكال التضامن القائمة على الزبائنية المحسوبة من طرف أولئك الذين يدورون في فلك شخصكم أو أنواع تضامن الكتل المعتمدة لدى من يطلق عليهم اسم “صناع القرار وراء الستار” – في إشارة إلى حكم الأقلية العسكرية – فلن تجدوا جمهورا غفيرا بين الطيبين من الشعب الجزائري على استعداد للسقوط في حبال لعبة هذا الطرف أو ذاك، والسبب هو أنّ هذا الشعب الجزائري الطيب قد عزم أمره منذ فترة طويلة ورفضكم بشكل نهائي وأدانكم كلكم على ما اقترفتموه من جرائم جسيمة، تفوق بعضها البعض من حيث الخطورة، لا يتسع المقام هنا لسرد قائمتها الطويلة والرهيبة، التي تتراوح بين عمليات النهب المنتظمة لممتلكات البلاد، إلى الجرائم الجماعية التي بلغت حدا لا يمكن تخيله من حيث البشاعة ضد السكان المدنيين، وهي جرائم لا تسقط بالتقادم.

ثم هل من المفيد أن نذكر في هذا الصدد، بأن هذه الحروب المتكررة بين “أقطاب الحكم”، لم تكن سوى نتيجة منطقية للنهج التعسفي المتبع، وثمرة مُرة لتحكم عديمي الكفاءة في مصير البلد وسعة تفشي الفساد، ومن مخلفات الطابع المافياوي والإجرامي الذي أصبح ميزة متأصلة من ميزات النظام السياسي في البلد، الذي تلاحقه لعنة اللاشرعية الكامنة في هياكله. نظام مافيا إجرامي يرفض بعناد منذ سنوات طويلة إصلاح نفسه في مناخ تسوده الشفافية والنزاهة، من خلال الدفع بكل أمانة، بالمجتمع والبلد نحو مسار يفتح الأبواب مشرعة نحو ديمقراطية حقيقية لمؤسسات البلاد، ومن ثَم، استعادة الشعب الجزائري حقه في ممارسة فعلية لسيادته الكاملة التي سُلبت منه عقودا طوال، سيادة شعبية صودرت منه منذ الاستقلال، تارة من خلال استخدام القوة الغاشمة والقهر أو بحكم الأمر الواقع، وتارة أخرى من خلال التلاعب بالوقائع والخطب المضللة. وأخيرا، عن طريق توهيم الرأي العام الداخلي و الخارجي من خلال إرسال إشارات كاذبة منومة توحي بـاعتماد “الديمقراطية”، عبر تزويد البلد بدساتير، لا تلبث أن تتعرض هي ذاتها لانتهاكات متكررة وجسيمة، وعبر تنظيم انتخابات يتم تزويرها بصورة منهجية، انتخابات محبوكة النتائج سلفا، تكون مطية لوصول زبناء سياسيين معهودين إلى مناصب الحكم، عبارة عن خليط من هوامش المجتمع المتناثرة هنا وهناك، لا يمثلون سوى أنفسهم، معظمهم من الانتهازيين بل وحتى من المجرمين الحقيقيين، منهم من اعتلى على الدوام أعلى مناصب السيادة في الدولة، مما يؤكد فحوى مقولة ذكرها ذلك الجزائري المجهول الذي سبق وتحدث في ثمانينات القرن الماضي عن “بلاد ميكي” في إشارته إلى وضع الجزائر.

السيد الرئيس،

في أيّ بلد آخر، غير بلدنا، يمكن للجرائم الجماعية التي لا تسقط بالتقادم، والتي ترتكب ضد أشخاص أبرياء، أن تمر دون عقاب، في ظل حالة طوارئ مزمنة وتحت ستار مرسوم إجرامي، يخوّل للمجرم صلاحية إصدار العفو على نفسه، في انتهاك تام لقيم الأخلاق والعدالة والقانون الدولي؟

في أيّ بلد آخر، غير بلدنا، يمكن للمرء مشاهدة بارونات القيادة العسكرية العليا تستأثر لنفسها بحقوق شبه ملكية لتستحوذ على ممتلكات البلاد، بل وتلبي حاجياتها مباشرة بالاغتراف من خزائن بنك الجزائر، كما يجري على سبيل المثال خلال العديد من سفريات بعض الساسة إلى الخارج، كما لو كان المال العام ملكا مشاعا لهم، دون سواهم؟ ثم لماذا يستمر محافظ بنك الجزائر في التزام الصمت المطبق والمريب إزاء مثل هذه الانتهاكات، وهو القائم على الأموال العامة والأمين على الثروات النقدية؟

في أيّ بلد آخر، غير بلدنا، لا تزال المحادثات السرية مستمرة، حول ضرورة وجود أو عدم وجود قوات أجنبية على أرضنا، بعيدا كل البعد عن استشارة الشعب الجزائري – كما لو لم يكن لهذا الشعب وجود يذكر – وذلك تحت الذريعة الزائفة المتمثلة في “الحرب الدولية على الإرهاب” التي نرى نتائجها الكاريثية اليوم في العراق وأفغانستان؟

في أيّ بلد آخر، غير بلدنا، يمكن تصوّر إنسان مجرم شبه أمي، يتحول بقدرة قادر، في غضون أشهر قليلة، إلى الشخصية الثالثة في البلاد من حيث النفوذ ويستغل موقفه ذلك للظفر بمشاريع عمومية قوامها مليارات الدنانير، بتواطؤ من صديقه وشريكه، وزير الزراعة آنذاك؟

في أيّ بلد آخر، غير بلدنا، يستمر وزراء معروفون بفسادهم البواح، يحتلّون مناصبهم لسنوات عديدة، في تحدّ صارخ واحتقار للرأي العام، عبر تواجدهم داخل الحكومة، رغم أنّ أحدهم سبق وأن أدنتموه بأنفسكم، السيد الرئيس، ووجهتم إليه علنا أصابع الاتهام بالفساد، عبر قناة تلفزيون دولية؟

في أيّ بلد آخر، غير بلدنا، تودع مبالغ مالية هائلة تصل إلى عشرات المليارات من الدولارات في بنوك الخارج، في ظروف تعتيم شاملة، كما لو أنّ الشعب الجزائري ليس معنيا بالموضوع، لا من قريب ولا من بعيد؟

في أيّ بلد آخر، غير بلدنا، لم تكلف، في أي وقت من الأوقات، المؤسسات الكبرى، مثل شركة سوناطراك، التي تدرّ أكثر من 95٪ من دخل البلد بالعملة الأجنبية، أو بنك الجزائر الذي هو بمثابة مرآة لاقتصادنا، نفسها عناء نشر عمليات تقييم دورية، قصد إمداد المواطنين بالمعلومات اللازمة في هذا الشأن؟

في أيّ بلد آخر، غير بلدنا، يتباهى زعيم نقابي فاسد، يفوح غطرسة، في جلسة علنية داخل أسوار محكمة جنائية، بمسؤوليته الكاملة على إيداعه مبلغ يفوق 40 مليار دينار من مجموع الاشتراكات الاجتماعية للعمال، كان مصيره التلاشي التام، في أعقاب انهيار بنك خليفة؟

في أيّ بلد آخر، غير بلدنا، يمكن تصوّر بقاء وزير التربية والتعليم، عديم الكفاءة وبالغ الغرور في الوقت ذاته، جاثما على رأس وزارته مثل هذه الفترة الزمنية المديدة – 16 سنة! – وذلك رغم مسؤوليته المباشرة، هو وفريقه من المغامرين الموكل إليهم ملف البرامج التعليمية، في كارثة الكوارث التي ألمت بالمدرسة الجزائرية اليوم – بكافة أطوارها – كارثة ستظل آثارها الوخيمة تخيّم لفترة طويلة على مستقبل الأجيال المقبلة؟

السيد الرئيس،

إننا نشهد اليوم تراكم طبقات من الغيوم السوداء القاتمة، محمّلة بتهديدات وشيكة، تحوم فوق رؤوس الشعب الجزائري المنهك، المثقل بالهموم، وعلى شفا الإحباط القابل للانفجار في أيّ لحظة، ويجري ذلك كله في سياق مناخ سياسي فاسد، مهيأ لكافة أنواع المؤامرات، والقابل للرضوخ لشتى أصناف التنازلات، وجميع أشكال الخيانات ضد السلم الاجتماعي والوحدة الوطنية. لم يعد بوسع أيّ محاولة ممجوجة تُحبك للتلاعب النفسي بحشود المواطنين، على شاكلة المبادرة المفضوحة من قِبل رئيس وزرائكم أويحيى في دعواه مكافحة الفساد (!) – وهو نفسه مشتبه فيه بالتورط في قضايا الفساد هذه – ولا بمقدور أيّ خطاب أو وعود كاذبة، أن تنطلي حبائلها الآن على حركة السخط الجماعي الذي يشرف على الانفجار، بحيث لا يمكن لأحد التنبؤ، لا بلحظته الحاسمة ولا بتداعياته ولا بنتائجه.

إنّ واجبكم، السيد الرئيس، كرئيس للدولة، هو أن تتصدوا فورا وبقوة، من منطلق وطني أصيل، مبتعدين وبكل حزم وتصميم عن النشرات الاستخباراتية اليومية الملفقة التي تتلقونها، وأيضا بالنأي بأنفسكم عن مشورة “المستشارين” وغيرهم من ممتهني المجاملة، القابعين في أروقة ودهاليز السلطة، علما أنّ بعضهم قد باشر بالفعل، على ما يبدو، مغادرة السفينة الغارقة.

إنّ حالة الجزائر لا تسر! والشعب الجزائري في وضع سيء للغاية! إنّ هذا النظام، بغالبية ما يضمه من مسؤولين – المدنيين منهم والعسكريين – قد عاف عليهم الزمان بشكل لا رجعة فيه، وانتهى أمرهم وفقدوا القليل من المصداقية المتبقية لديهم! فالدولة في حاجة إلى تجديد نفسها، إنها بحاجة إلى دماء جديدة إن من حيث الرجال أومن حيث المؤسسات، وكذلك من حيث المبادئ الأخلاقية التي ينبغي أن تكون نبراسا للحكم الرشيد والإدارة السليمة لشؤون البلد. وليس ثمة شخص واحد ضروري بحيث يظن أنه لا يمكن للجزائر الاستغناء عنه، لا الجنرال مدين المدعو “توفيق” وأتباعه ولا حتى شخصكم، ويكفيكم للتأكد من ذلك، زيارة المقابر!

***

السيد الرئيس،

في غضون أقل من سنتين – إذا أمدّ الله من عمركم – يمكنكم، إن أبديتم عزما حقيقيا، وبفضل السلطات التي يخولها لكم الدستور، أن تجنبوا بلدنا مزيدا من التمزق الذي تلوح بوادره في الأفق، وبوسعكم حماية البلد من اضطرابات ومآسي جديدة، مع ما يصاحب ذلك من إراقة دماء ودموع وحالة بؤس مادي ومعنوي، من شأنها أن تعرّض هذه المرة وحدة الأمة الجزائرية برمتها للخطر الشديد.

لقد ولّى زمن “مؤتمر الكوادر”، السيدي الرئيس. وتقضي الحكمة منكم اليوم أن تقوموا بالإعلان رسميا أمام الشعب الجزائري والعالم أجمع، عن تنظيم انتخابات بالاقتراع العام، في غضون فترة زمنية أقصاها سنتين، من أجل إنشاء جمعية تأسيسية وطنية تحظى بتمثيلية حقيقية وتضم جميع الاتجاهات السياسية وممثلين من جميع مناطق البلاد، تكلّف بمهمة تزويد البلاد بدستور جديد يستند إلى روح ديمقراطية حقيقية، يكفل جميع الحريات المدنية وحقوق الإنسان، لاسيما منها احترام كرامة وسلامة البشر، دستور يعلن رسميا وبشكل لا لبس فيه عن استقلالية السلطة القضائية والسلطة التشريعية عن السلطة التنفيذية

وفي غضون ذلك، يمكنكم اللجوء إلى استخدام حقكم الدستوري للتشريع من خلال المراسيم، وذلك للإعلان بشكل متزامن، عما يلي:

— رفع حالة الطوارئ؛
— حل المجلس الشعبي الوطني؛
— حل مجلس الأمة؛
— حل المجلس الدستوري؛
— إزاحة جميع المسؤولين، المدنيين والعسكريين، الذين تحوم حولهم شكوك خطيرة بخصوص ارتكابهم جرائم لا تسقط بالتقادم؛
— تعيين حكومة وحدة وطنية لتسيير شؤون البلد خلال فترة انتقالية.

وستوكل إلى هذه الحكومة، على وجه الخصوص المهام الآتية:

1— إدارة الشؤون اليومية، المدنية العسكرية، للبلاد؛
2— اتخاذ جميع التدابير الوقائية والإدارية والقضائية أو المالية اللازمة لحماية المصالح العليا للأمة؛
3— تنظيم انتخاب الجمعية التأسيسية في ظروف تتسم بالشفافية التامة المطلوبة.

وينبغي أن تعكس التشكيلة البشرية لهذه الحكومة، بأكبر قدر ممكن، الاتجاهات السياسية والثقافية والجهوية في البلد، بما يزخر به من تنوع اجتماعي، مع ضرورة الأخذ في الحسبان الكفاءات العلمية والمهارات التقنية والإدارية اللازمة لممارسة الوظيفة، سواء كانت هذه المهارات داخل البلد أو بين أبناء مواطنينا المغتربين. ولا ينبغي لأيّ وزير من الوزراء المتواجدين في الحكومة الحالية أن يكون ضمن حكومة الوحدة الوطنية المنتظرة، وذلك لاعتبارات أخلاقية.

كما ينبغي أن تُمنح هذه الحكومة جميع الصلاحيات المنوطة عادة بأيّ حكومة مكلفة بمهمة الإنعاش الوطني، وخاصة منها سلطة التنظيم عن طريق المراسيم، كما يجب أن تكون مخولة بوجه خاص بصلاحية طلب الاستماع، حسب الاقتضاء، في إطار مجلس الحكومة، إلى أيّ شخص تراه مناسبا – مدنيا كان أو عسكريا، مهما كانت وظيفته أو رتبته، باستثناء شخص رئيس الدولة – سواء مارس فيما مضى أو ما زال يمارس مسؤوليات التسيير داخل جهاز الإدارة العليا أو قيادة الجيش، لضمان أفضل ظروف تسيير الفترة الانتقالية.

وفور اعتماد ولاية أعضاء الجمعية التأسيسية وانتخاب أعضاء المكتب ورئيس الجمعية العامة، يتم الإعلان رسميا عن هذه المؤسسة بوصفها الراعية الرسمية للسيادة الوطنية، جنبا إلى جنب شخصكم، بصفتكم رئيسا للجمهورية، لفترة انتقالية إضافية مدتها سنة واحدة، تكون مكرسة لصياغة الدستور الجديد. وفي غضون 6 أشهر بعد صدور الدستور الجديد، يجري تنظيم انتخابات بالتزامن لرئيس جديد للجمهورية ولجمعية وطنية جديدة، مع الإشارة أنّ الهدف المنهجي المتوخى من وراء هذا التزامن يكمن في ترسيخ مبدأ التمييز والفصل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في ذهن المواطن-الناخب.

هذه هي على ما أعتقد، السيد الرئيس، بكل صدق ووفاء، ومن موقع مواطن غيور على بلده، الخطوات العاجلة الواجب اتخاذها، والتي تبدو لي كفيلة بمواجهة وعكس اتجاه الزخم المفضي إلى الفوضى والهاوية التي يبدو أنّ بلدنا الجريح سائر حاليا مرة أخرى في طريقها.

السيد الرئيس، أصدعوا برفضكم الصريح لإراقة دماء الجزائريين مرة أخرى، وانتهزوا هذه الفرصة الربانية لتنسحبوا من المسرح السياسي بشكل يرفع من مقامكم، ولتخرجوا من الباب الواسع الذي يوثقه لكم تاريخ الرجال والأمم.

عبد القادر الذهبي
13 فبراير 2010

ترجمة الرسالة من الفرنسية إلى العربية : لقمان شريفي

(*)https://www.hoggar.org/index.php?option=com_content&task=view&id=335&Itemid=64

النسخة الأصلية باللغة الفرنسية:
https://www.hoggar.org/index.php?option=com_content&task=view&id=930&Itemid=64

تعليقان

  1. غير معروف بتاريخ

    DEs proposition digne d’une home d’état, Pauve Boutef tellement perdu dans l’incompétence et l’ignorance d’un dernier de la classe qu’il va même pas lire cette lettre . Monsieur Dehbi que dieu vous protege pour les jours, les années qui viennent,, nous avons besoin de vous  

  2. Yassef بتاريخ

    RE:السيد الرئيس، لا تسمحوا بأن يراق الدم الجزائري من جديد!
    لمن تحكي زابورك يا داود ؟

Exit mobile version