الكاتب: حكيم قاسم

نفمبرُ على الأبوابالشعبُ أسقط الرأس وآن إسقاط الأذنابْرويْدكَ قفْ..- هذا نفمبرُ -رصاصٌ وتكبيرٌودمٌ مُنتصرُرويْدكَ قفْ..كلاّ بل ارحلْارفعْ..اقلعْجذورَكَفالأرضُ من تحتكَبركانٌ يستعرُ..سِنونُكَ..سِنونُ القهرِعجوزٌ تحتضرُ..- هذا نفمبرُ -أيْنعَ الغرسُأطلَّ الثَمْرُفارتقبْ..بلْ اشْهدْبزوغًالا يُبقي منكَولا يَذرُ..فيا أيّها المحتلّيمِّمْ…شطْرَ الشوارعِشطْرَ الجبالِفكلّها فدائيٌّ …منتظِرُوكلّها مقابرٌوكلّها حُفَرُ- نفمبرُ- هو القدرُ..اقتلْ..شرّد ..نكّلْ..لا تعبٌ ..لا كلَلٌ ..لا ضجَرُ..عيُونكَ الزُّرْقُنعرفها…فازرعْ عيوناًتُشبهُ منّا العيونَامكاتبُ – الغسيلِ -نعرفها..فاسترحْ وافتح السجونَأدِرْ آلةَ التعذيبِعلى أنغامِ Edith Piaf -وانْتشِ خمراً ومجونَالن تنالَ من عزمنالا..لن نهوناَ..سنُذيقكَمن صبرنَامن دمعنامن دمنا..من لحمناَخبالاً وجنونَا..فنحنُ الصبحُ الواعدُوأنت الظلامُ البائدُوأنتَ الماضي الغابرُونحنُ الحاضرُوالغدُ الزّاهرُوهذا – نفمبرُ -..فجرٌ مؤذّنٌوإشراقٌ مكبِّرُواللهُ واللهُ واللهُمن فوقكَ أكبرُ. حكيم قاسم26 أكتوبر 2016

المزيد

لم يكد قلمي يتنحّى جانبا، عن دواة الحبر، ليسترجع أنفاسًا لفحتها حرّ كلمات تسعّرت في دفتر ذكريات الأحزان وأحزان الذكريات حتّى عاودت قسنطينة تداعب أشواقه إليها.. تهمس في خفوت أن ائتنا فثمّة جرح ينزف وعيون تنزّ مكان الدمع دمًا.. ها هو يلملم شتات أنفاسه.. يغادر المدينة التي حوّلها الجنرال عبد العزيز مجاهد ذات صيف، ذات شتاء، ذات ربيع، ذات خريف إلى مدينة نزع الحياة وزرع الممات.. في طريقه إليها صورة العلامة عبد الحميد بن باديس ماثلة أمامه ينظر إليه وهو في صحن مسجد – سيدي قموش – بين أحبّائه وتلامذته.. ينظر وعينه قطرات حبر تسأل: ماذا فعلوا بقسنطينة يا سيدي؟…

المزيد

لم يكن سالم قدّاش، وهو ينزل الطوابق السبع لإحدى عمارات مدينة البويرة، أنّها ستكون المرّة الأخيرة.. وأنّ سيارته الحمراء من نوع “آر5” لن تضمّه بعد الآن.. لم يكن الوحيد الذي لا يدرك ذلك.. فلا عقيلته يمينة كانت تدرك ولا سليم الإبن الأكبر ولا إيمان أو محمّد أمين ولا حتّى العنقود الأخير رضوان كانوا يدركون.. لا شيء كان يوحي بذلك.. فسالم مسالم بطبعه، لا شأن له بالسياسة.. لم يك متحزّبا.. يهوى كرة القدم كما يهوى الاستماع للغناء الشعبي.. الحاج العنقة ودحمان الحراشي وكمال مسعودي يستهوونه.. رياض أنسه كانت في أولاده الذين قال عنهم ليمينة: هؤلاء إخوتي لأنّ سالم كان وحيد والديْه..…

المزيد

لم أزر قسنطينة، ولو زرتها لنزعت حذائي ولتمشّيت على رؤوس أنامل قدمي، وأنا أعبر جسورها المعلّقة، وقد تحسّست قبل كلّ شبر فيها، حتى لا أدوس قلوبًا مجندلة هناك.. فهناك كما هنا.. حيث أجلس، حيث تجلس، حيث تجلسين، حكايات وحكايات وحكايات، قد تختلف لكنّها تلتقي جميعها في مصبّ نهر الأحزان والأوجاع والأشجان.. وأنا أقلّب وريقات صفحات الحياة، تسمّرت أنفاسي وسمّرت معها قرطاسي وقلمي، حين طفت في كبرياء صفحة خطّ يراع التاريخ فيها رواية مرّة عن ظلم عائلة حرّة اسمها آل ساكر.. جاء في الصفحة رقم 29 ماي 1994 أنّه في بيت من بيوتات قسنطينة، وتحديدًا في شقّة من ثلاث غرف كانت…

المزيد

لم تكن المسافة التي تفصل بين منزل ريحانة، والمتوسطة التي كان يدرّس فيها والدها، سوى بضع خطوات لا غير.. قلبها الصغير كان ينتظر بشغف كبير، انقضاء سويعات عمل قرّة عينها وفؤادها ووجدانها – إسماعيل – مدرّس مادة علوم الطبيعة والحياة.. إذ لا شيء يعادل تلك اللحظة، لحظة انكباب والدها الحبيب على جسدها الغض الطريّ، ليحملها بين ذراعيه في انتظار ضمّها إلى صدره مقبّلا كلّ مساحة من جسدها، فلريحانة مكانتها في غسان قلبه كما لأخيها إدريس الذي يكبرها بأربعة أعوام.. فريحانة ساعتها كانت في الشهر السابع بعد الولادة.. لم يدر في خلد ريحانة أنّها ستُحرم يوما من سماع خطو إسماعيل نحوها…

المزيد

خالتي زينب امرأة جزائرية فُجعت في ولدها حسين. رحلة عذابها بدأت فجر الثالث من شهر ديسمبر لسنة ثلاثة وتسعين وتسعمائة بعد الألف. في شهادتها المسجلّة والموثّقة من قبل المناضلة – فريدة أوغيسلي، المفجوعة هي كذلك في زوجها، تروي خالتي زينب تفاصيل الاختطاف القسري العلني لفلذة كبدها حسين عريبي. شاب لم يعد يفصل بينه وبين سنّ العشرين سوى عامين، كما لم يعد يفصل بينه وبين دخول معهد الهندسة المعمارية غير امتحان الصباح. هذا الصباح الذي أوقفت وصوله لبيت خالتي زينب طرقات رجال الأمن على السّاعة الرّابعة صباحا. توقّف كلّ شيء ساعتها. شاحنة ترحيل الآمال والأحلام لعالم الضياع والنسيان كانت خارج البيت…

المزيد

هذه ليست قصّة من نسج الخيال، ولا حكاية تناقلتها شفة عجوز عن عجوز عن عجوز، تجمّع الصّغار من حولها ذات ليلة ممطرة غرس البرد القارص في تضاريس السماء والأرض أنيابه.. هذي ملحمة… لو تناولتها ريشة فنّان لوجد نفسه مرميا في مصحّات الأمراض العقلية من فرط مشاهد العذابات والأحزان والأحلام الموؤودة… ملحمة لو اجتمعت أقلام الأدباء والشعراء لإخراجها نصًّا فنيًّا لتوشّحت الكلمات والقوافي بالسحاب ولرأينا معين الدمع دمًا يملأ ساحات الكلمات والقوافي.. هي عصفورة فريدة.. كان لها عشّ.. وعشّها كما قالت: كان جنّتها ورياض أنسها… في أرجائه ريحانتان صغيرتان.. وعصفور سمح طيّب حنون يجيء ويروح في أمان.. وذات شتاء غصّت السماء…

المزيد